أنت هنا

قراءة كتاب علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي

علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي

الشكر موصول لمجموعة من الأساتذة الذين تعلمت منهم علم النفس في مراحل مختلفة من حياتي· أخص منم في جامعة الخرطوم بالسودان أستاذي الجليل د· الزبير بشير طه الذي تعلمت على يديه مبادئ البحث العلمي من خلال إشرافه على رسالة الماجستير التي قدمتها لجامعة الخرطوم كما ت

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

وفي تقديري، يعتبر كتاب (علم النفس في التراث العربي الإسلامي) الذي ألفه طه (5 9 9 1) موسوعة حقيقية عن علم النفس في التراث العربي الإسلامي ويمثل، ليس فحسب، أهم مشروع جاد وجامع للتراث السيكولوجي، وإنما أيضا قراءته بعيون معاصرة وبصورة جديدة ثورية أشبه بالبروسترويكا· لقد ذكرنا في الجزء السابق بأن مالك بدري هو الرائد الحقيقي لحركة تأصيل علم النفس خاصة من خلال مؤلفه الرائع (مشكل أخصائي علم النفس المسلمين) ويعتبر مشروع الزبير طه من خلال كتابه المذكور أعلاه امتدادا حقيقيا للطريق الذي بدأه مالك بدري· فمساهمة بدري تقدم رؤية عن مشكلة علماء النفس المسلمين وكيفية الخروج منها بينما تقدم مساهمة طه رؤية لكيفية قراءة وتشريح النصوص السيكولوجية في التراث العربي الإسلامي· وأهم الملاحظات التي يمكن أن تقدم حول مشروع الزبير طه هي:
أولا: لم يُعالج ــ من قبلُ ــ موضوع علم النفس في التراث العربي الإسلامي في مرجع واحد أو موسوعة واحدة كما حدث في موسوعة الزبير بشير طه· وحتى علم النفس في التراث العربي الإسلامي لم يعالج تأريخيا في كتاب واحد، إنما عولج في إسهامات مختلفة، وفي مراجع متباينة، ويصح القول ــ بأمانة ــ إن علم النفس كان متفرقا في التراث العربي الإسلامي ولم تتم أول محاولة لجمعه فحسب في كتاب (علم النفس في التراث العربي الإسلامي)، وإنما تحليله كذلك· ولقد تم بناء موضوعات الكتاب بذات الكيفية التي تبنى بها كتب (مقدمات) أو (مداخل) أو (مبادئ) علم النفس المعاصر· وحسب التقليد المتبع في كثير من كتب علم النفس العام بدأ الكتاب بالمقدمة وثم الأسس البيولوجية للسلوك ثم النمو فالإدراك فالذاكرة والوظائف الذهنية فالتعلم والشخصية فالصحة النفسية والعلاج العضوي والنفسي·
ثانيا: غطى الكتاب موضوعات علم النفس بصورة عميقة تتجذر في التراث العربي الإسلامي من جهة، ومن جهة ثانية مقاربتها أو مقارنتها من غير تلفيق بعلم النفس المعاصر مثل مقارنته بين نموذج الذاكرة الثلاثي في التراث وبين علم النفس المعرفي· ثالثا: عقد المؤلف مقارنات ممتازة بين بعض أعلام علم النفس في التراث العربي الإسلامي وبين بعض أقطاب علم النفس المعاصرين مثلا مقارنته بين ابن طفيل وجان بياجيه وقياس الذكاء بين ابن الجوزي وبينيه· رابعا: رجع الباحث إلى أمهات كتب التراث العربي الإسلامي، وقليلا ما اعتمد المراجع الثانوية· مع العلم بوعي وإدراك الباحث بالمصادر الأخرى والتي صنفها كالآتي: التصانيف التراثية الأساسية وكتب التراجم وطبقات الأعلام، والمصنفات الأدبية والكتب الغربية التي أرخت للعلوم عامة وأبحاث ومصادر ومداولات المؤتمرات التراثية فضلا عن المبادرات الفردية للعلماء· خامسا: يعتبر المؤلف أول عالم نفس لفت الانتباه بصورة ذكية لعلم نفس الإبصار عند ابن الهيثم والصحة النفسية والإرشاد النفسي عند البلخي· مع العلم بأن صبرة (3 8 9 1، 9 8 9 1) كمؤرخ للبصريات الوسيطة، وليس كعالم نفس، أشار لذلك·
سادسا: قارب المؤلف بصورة أصيلة بين مفاهيم علم النفس في التراث العربي الإسلامي وبين مفاهيم علم النفس المعاصر التي تختلف عن المقاربات التلفيقية عند مجموعة من علماء النفس العرب· ومن أمثلة تلك المقاربات سيكوفيزيولوجيا البطينات عند ابن سينا، وسيكوفيزياء الإبصار عند ابن الهيثم، وفيزيولوجية الذكاء عند ابن الجوزي، والعمليات الصورية عند ابن طفيل· سابعا: كتبت جميع فصول الكتاب بلغة علمية معاصرة وحية مقارنة ببعض الكتابات عند علماء النفس العرب التي تكتب بلغة ميتة تثير الملل عند القراءة· ثامنا: عمل الباحث على انتقاء وانتخاب إسهامات قوية متكاملة من التراث السيكولوجي تميزت بروح النظرية العلمية بمعناها المعاصر خاصة إسهامات ابن سينا في فسلجة الدماغ وابن الهيثم في سيكوفيزيقا الإبصار· تاسعا: تبرز أهمية معالجة الباحث ليس لموضوعات علم النفس في التراث العربي الإسلامي فحسب، وإنما للمناهج التي اتبعها علماء التراث مثل الملاحظة ودراسة الحالة والاستبطان وفوق كل ذلك المنهج التجريبي وعناصره المختلفة من فرضيات وتحكم ورصد النتائج وتفسيرها· عاشرا: ناقش الباحث بصورة ممتازة قضية تأصيل علم النفس في التراث العربي الإسلامي· وكانت معالجته على حسب تعبيره (ترمي إلى قراءة خلف السطور، وتجاوز للمفردات الظرفية وتحري المقاصد العلمية التي رمى لها علماء التراث دون اعتساف لدلالات النصوص)·

الصفحات