الشكر موصول لمجموعة من الأساتذة الذين تعلمت منهم علم النفس في مراحل مختلفة من حياتي· أخص منم في جامعة الخرطوم بالسودان أستاذي الجليل د· الزبير بشير طه الذي تعلمت على يديه مبادئ البحث العلمي من خلال إشرافه على رسالة الماجستير التي قدمتها لجامعة الخرطوم كما ت
أنت هنا
قراءة كتاب علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي
القلق الوجودي: ماذا بين فرويد وأدلر؟
ألهمني حقيقة كتاب الزبير بشير طه (علم النفس في التراث العربي الإسلامي) محاولة البحث في التراث السيكولوجي بغرض مواصلة المشوار في هذا الطريق· فالباحث طه يقف بمشروعه الأصيل في طريق طويل بدأه علماء التراث العربي الإسلامي، ووضع مالك بدري بعض معالمه· ولقد أطلقت على إسهام طه كلمة (مشروع) لأنه لا يقل في أهميته عن المشاريع الثقافية الأخرى التي تحمل هموما كبيرة في قراءة التراث العربي الإسلامي· وهناك أهمية بالتعريف بمشروع الزبير طه في قراءته الجديدة والعميقة والموسوعية لعلم النفس في التراث العربي الإسلامي· وكما ذكر سابقا، إن واحدة من مشاكل النشر في داخل السودان هي عدم وصول المطبوعات المنشورة محليا لمجموعة كبيرة من علماء النفس العرب· لعلي أتساءل كم من المهتمين بقضايا تأصيل أو توطين علم النفس من اقتنى نسخة من هذا الكتاب؟ كم من أقسام علم نفس أو المكتبات الجامعية في العالم العربي تقتني نسخة من هذه الموسوعة السيكولوجية الهامة؟ وهذه المحاولة المتواضعة تستهدف تحقيق بعض الأهداف:
أولا: محاولة الإضافة والتوسعة لمشروع الزبير بشير طه وربما بسبب انشغال الباحث كوزير للتعليم العالي والبحث العلمي في السودان بقضايا كبيرة لم تتح له الوقت الكافي في مواصلة البحث في هذا المشروع الهام الذي ابتدره· وربما يكون من المناسب في هذه الحالة على تلاميذه وزملائه والمنفعلين بقضايا (تأصيل)، أو بلغة أفضلها (توطين)، علم النفس والبحث العلمي، مواصلة العطاء في هذا المشروع الكبير· وثانيا: محاولة قراءة وإعادة قراءة علم النفس في التراث العربي الإسلامي من زاوية أخرى وهي الزاوية التاريخية، وموقع ذلك من تاريخ العلوم عند العرب والمسلمين عامة وتاريخ علم النفس التجريبي خاصة· وثالثا: عقد مقارنات بين رؤية علماء النفس العرب وعلماء النفس في الغرب في تاريخ علم النفس·
ورابعا: محاولة معالجة موضوعات أخرى لم يتسنَ للباحث معالجتها في كتابه مثل، التشريح، وعلم نفس الحيوان، وعلم نفس الطفل، والبيمارستانات، وعلم النفس الرياضي· وخامسا محاولة الرجوع لمصادر أخرى ثرة من التراث العلمي العربي الإسلامي ومن كتب تاريخ العلوم عند العرب المعاصرة غير التي رجع لها الباحث· وسادسا: بسبب غزارة المادة السيكولوجية التي سوف نعالجها في هذا الكتاب ولعدم وجود الحيز الكافي سوف نهتم أكثر بالكشف والتعريف والتصنيف والمقاربات بدلا من الاهتمام بالتحليل والتشريح بالنسبة للنصوص كما فعل طه الذي بدأ بمرحلة متقدمة جدا في قراءة التراث السيكولوجي وتفكيكه· وسابعا: محاولة تحديد حجم التأثيرات التي أحدثها علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي في عصر النهضة وفي الثورة العلمية في أوربا من خلال التراجم اللاتينية للنصوص السيكولوجية العربية·
وثامنا: محاولة تقديم نماذج ميدانية حية من علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي مع عملية إحياء وتجديد أول مقياس سيكولوجي في تاريخ علم النفس كافة يرجع للقرن الحادي عشر الميلادي وليس كما يؤرخ لبداية القياس النفسي في القرن التاسع عشر· وتاسعا: محاولة رسم ملامح عامة لعلم النفس في التراث العربي الإسلامي من ناحية نظرية وتطبيقية وتصنيفية وتجريبية وزمانية ومكانية· وعاشرا: تحديد بعض الدروس أو العبر المتعلمة من البحث السيكولوجي في التراث العربي الإسلامي·
يحمل مشروع هذا الكتاب عنوان (علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي) وهو عنوان مقارب لعنوان كتاب أستاذي طه (علم النفس في التراث العربي الإسلامي)، ولكن بإضافة (تجريبي)، وذلك لبناء جسور التواصل والحوار بين جيلين من أجيال علماء النفس العرب بغية جمع التراث السيكولوجي ورصده أولا، ومن ثم تحليله وتشريحه· ويحاول التلميذ مواصلة مشوار أستاذه أو شيخه في علم النفس· ويبدو أن التلميذ قد صعب عليه في بداية رحلة البحث في التراث، أن يصل إلى مستوى تجذر أستاذه وموسوعيته وعمقه تماما مثل الفرد أدلر الذي لم يصل إلى مستوى أستاذه سيجموند فرويد· وصحيح جدا أن أدلر قد تمرد، بكامل حريته، على حلقة أستاذه فرويد بفينا ولكنه بقي أسيرا في كثير من أطروحات دائرة التحليل النفسي·
وبالرغم من القلق الوجودي والتمرد والرفض والتجاوز في مراحل سابقة من حياتي تبقى حلقة الود موصولة، ويبقى هاجس (أزمة) أو (تأزم) أو (مأزق) أو (معضلة) أو (مشكلة) تأصيل أو أسلمة ، أو كما أفضل، توطين علم النفس هي نقطة الاتفاق المركزية· ومهما يكن تبقى هذه المحاول البحثية في قراءة التراث السيكولوجي التجريبي العربي الإسلامي رحلة جديدة للبحث عن الذات والهوية والذاتية· ربما تؤدي لحالة أكثر من التوازن النفسي وتبعا لذلك تقلل من حجم القلق الوجودي· ومن تداعيات القدر أني بالفعل كتبت رسالة لأستاذي الزبير بشير طه بتاريخ 4 1 أبريل 7 8 9 1 تعبر عن معاناة فلسفية في تلك المرحلة المبكرة من القلق الوجودي· وتنص الرسالة : (أنا يالزبير الدليل الحي عن هوية الاختيار والجبر ، هوية الداخل والخارج، هوية اللاانتماء والانتماء، هوية الانتظار والذكرى، هوية الأنا والآخر، هوية الفرد والجماعة· فإني أبحث عن هويتي، ذاتيتي، فرديتي· فرفضي هوية، وتجاوزي ذاتية، وتمردي فردية· فأنت فرويد وأنا أدلر، أنت أستاذي وأنا حر)