قد يبدو لقارئ عنوان هذه الرواية قبل أن يخوض عبابها، أن المقصود به الحديث عن سلسلة جبال تقع شمال إنكلترا، لكنه عندما يبحر فيها سيجد أن المقصود بـ «مرتفعات وذرنغ» منزلاً ريفياً في رأس جبل حوله أراضٍ شاسعة كانت مسرحاً للأحداث الدائرة، التي نسجتها الروائية إميل
أنت هنا
قراءة كتاب مرتفعات ووذرنج
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
2
كان الجو عصر أمس بارداً والسماء متلبدة بالغيوم، فقررت قضاء الوقت إلى جوار المدفأة بدلاً من المشي في الوحل، إلى «مرتفعات ويذرنغ».
تناولت غدائي وهممت بالصعود إلى الطابق العلوي. لكن ما كدت أصعد بعض درجات من السلم؛ وأرى الخادمة تنظف الموقد وقد تناثر حولها الفحم وعيدان الخشب، وانتشر الدخان في أنحاء الغرفة... حتى عدلت عن فكرتي.
عدت أدراجي فوراً، وتناولت قبعتي وسلكت طريقاً إلى بيت جاري، إلى «مرتفعات ويذرنغ» والمسافة بيننا أربعة أميال وما أدركت باب الحديقة، حتى كان الثلج قد أخذ يهطل.
كان الهواء بارداً جداً، أثّر فيّ تأثيراً سيئاً فأخذت أرتجف من قمة رأسي إلى أخمص قدمي، وحاولت حل السلاسل فعجزت، فقفزت من فوقها، واتجهت - مسرعاً - عبر الممر المسيّج بالعوسج والكرمة، وطرقت الباب طرقاً عنيفاً تردّد صداه داخل البيت فنبحت الكلاب.
فتمتمت قائلاً: «تباً لكم أيها الخبيثون، إنكم لتستحقون هذه العزلة الدائمة لسوء ملاقاتكم الضيف، نحن لا نغلق أبواب بيتنا نهاراً - على الأقل - لست أبالي ... فسأدخل على أي حال!».
أمسكت بالباب وهززته وهزاً عنيفاً، فبرز لي وجه يوسف من نافذة مخزن الحبوب، وقال:
- ماذا تريد؟ إن السيد غير موجود في البيت، وإذا كنت لا بد تريده فما عليك إلا أن تبحث عنه في الحقل.
سألته: «ألا يوجد في البيت سواك ليفتح الباب؟!».
أجاب: «لا يوجد أحد سوى «السيدة» وهي لن تفتح لك الباب، ولو وقفت تطرقه إلى منتصف الليل».
قلت: «لماذا؟ ألا تستطيع أن تبلغها من أنا، يا يوسف؟».
أجاب متمتماً: «كلا، ولا أرغب في التدخل في الأمر». واختفى عني وجهه وراء النافذة.