قد يبدو لقارئ عنوان هذه الرواية قبل أن يخوض عبابها، أن المقصود به الحديث عن سلسلة جبال تقع شمال إنكلترا، لكنه عندما يبحر فيها سيجد أن المقصود بـ «مرتفعات وذرنغ» منزلاً ريفياً في رأس جبل حوله أراضٍ شاسعة كانت مسرحاً للأحداث الدائرة، التي نسجتها الروائية إميل
أنت هنا
قراءة كتاب مرتفعات ووذرنج
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
أخذ الثلج يتساقط بغزارة بعد ذلك، فأخذت أعالج أكرة الباب مرة أخرى أحاول فتحه، وإذا بشاب في الساحة الخلفية، يحمل مشط الزراعة، يناديني ثم يشير إليّ أن أتبعه. ومرّ بي من غرفة الغسيل، إلى مخزن الفحم، ومنه إلى الغرفة الكبيرة التي استُقبِلت فيها أول مرة. كانت الغرفة دافئة، مضاءة بوهج النار المشتعلة في المدفأة، وقد أعدّت في الوسط مائدة، عليها عشاء فاخر. و«السيدة» جالسة إلى جانب المدفأة. انحنيت لها وانتظرت أن تأمرني بالجلوس، فرشقتني بنظرة مبهمة، ثم أسندت ظهرها إلى الكرسي، وظلت صامتة لا تبدئ ولا تعيد.
فابتدأت الحديث قائلاً: «الجو اليوم قاس قارس، ولقد وجدت صعوبة في جذب انتباه الخدم إليّ وأنا واقف أنتظر بالباب».
لكنها لم تنبس ببنت شفة، وظلت صامتة كالتمثال، تنظر إليّ ببرود وعدم اهتمام فأثارت في نفسي السخط على سلوكها غير المؤدب. ووقفت صامتاً حانقاً برهة من الزمن حتى قال لي الشاب، الذي أوصلني إلى الغرفة، بصوت أجش:
- اجلس ! سيأتي حالاً.
قبلت دعوته وتظاهرت بهدوء الأعصاب، كأني لم أرَ شيئاً منها ولم أسمع. قعدت مكاناً قريباً منها صامتاً لا أتكلم، ثم حاولت التسلّي بمداعبة الكلبة التي رأيتها في زيارتي الأولى، وأشرت إليها أن ترفع ذيلها دلالة على أنها تعرفني.
وقلت للسيدة: «حيوان جميل! أتنوين يا سيدتي أن تتخلي عن جرائها؟».
أجابت: «إنها ليست لي».
اقتربت من المدفأة وعدت إلى الحديث عن الجو وقسوة البرد في المساء.
فقالت: «كان ينبغي ألا تخرج من بيتك».
ونهضت من كرسيها لتتناول علبة الشاي عن الرفّ... لم يكن شخصها ولا ملامحها قد توضَّحت لي قبل مواجهتها النور، أما الآن فقد بدت هذه الملامح واضحة جلية. رأيت قدّاً نحيلاً، تخطت به عهد اليفاع منذ زمن طويل، أما وجهها فجميل، وأعتقد أنه أبدع وجه مكلثمٍ نظرت إليه فأشاع فيّ البهجة والسرور؛ وهي شقراء ذات شعر ذهبي متموّج منسدل على جيدها الأسيل الناعم. وفي عينيها جاذبية لا تقاوم!!
كانت العلبة بعيدةً عنها قليلاً، فتحركت من مقعدي لأساعدها في تناولها فصدتني بجفوةٍ، كما يصدُّ البخيل من يحاول مساعدته في عدّ ذهبه. وقالت:
- لست في حاجة إلى مساعدتك. أستطيع أن أتناولها وحدي.