قد يبدو لقارئ عنوان هذه الرواية قبل أن يخوض عبابها، أن المقصود به الحديث عن سلسلة جبال تقع شمال إنكلترا، لكنه عندما يبحر فيها سيجد أن المقصود بـ «مرتفعات وذرنغ» منزلاً ريفياً في رأس جبل حوله أراضٍ شاسعة كانت مسرحاً للأحداث الدائرة، التي نسجتها الروائية إميل
أنت هنا
قراءة كتاب مرتفعات ووذرنج
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
وابتسم هيثكلف ابتسامة ذات مغزى، وكأن من المشكوك فيه كون ذلك الدب ابنه.
وقال الشاب بصوت أجش: «إن اسمي «هارتون آرنشو» وأنصحك بأن تحترم هذا الاسم منذ الآن!».
أجبته - وأنا أسخر في قرارة نفسي بالأسلوب بالذي أعلن فيه اسمه - : «إنني لم أظهر لك أي احتقار».
وثبَّت نظره في وجهي، حتى بدأت أشعر بأن وجودي وسط هذه العائلة لم يعد مستحباً. وانتهى العشاء دون أن يتحدث أحد بحديث جماعي. واقتربت من النافذة لأتصفح وجه الجو، ففوجئت بنظر كئيب: لقد أرخى الليل سدوله قبل وقته، واختلط لون السماء بلون التلال، وهبَّت الريح عاصفاً، وتساقط الثلج كثيفاً.
التفتُّ إلى السيد هيثكلف وقلت: «أعتقد أن وصولي إلى بيتي سالماً بدون مرشد، أمرٌ مشكوك فيه. فقد دفنت الطرق بالثلوج دفناً تاماً».
قال هيثكلف: «أدخل الماشية إلى الحظيرة يا «هارتون» وإلا فسوف يدفنها الثلج تحته إذا تُركت في العراء طوال الليل، كما دفن الطرق».
زاد اضطرابي وقلقي فقلت: «ما العمل؟».
لم يجب على سؤالي أحد، وتلفت أقرأ الوجوه، فإذا بيوسف يعدّ صحن الحساء للكلاب، والسيدة هيثكلفمنحنية فوق الموقد تستدفئ أو تحاول أن تشغل نفسها فاقتربت منها.
وقلت: «يا سيدتي، أرجو أن تسامحيني إذا كنت قد أزعجتك. فهل تتكرمين بإرشادي إلى معالم الطريق الموصلة إلى منزلي؟ فقد عُمّي على طريقي حتى أصبحت أجهل أي معلمٍ من معالمه. ولا أعرف منه الآن أكثر مما أعرف عن الطريق إلى لندن!».
فأجابت ببرود: «اسلك في عودتك، الطريق التي قادتك إلى هنا، هذا كل ما لديّ».
فقلت: «لو سمعتِ غداً أنه قد عُثر عليّ ميتاً في حفرة من الثلج، فإن ضميرك سيؤنبك كثيراً على نصيحتك الخاطئة هذه ».
أجابت: «إنه لا يسمح لي بالاقتراب من جدار الحديقة؛ فكيف بتجاوزه ومرافقتك؟».
فقلت: يا سيدتي: أنا لا أسألك اجتياز هذه العتبة من أجلي، خصوصاً في مثل هذه الليلة الحالكة، بل كل ما أريد؛ هو أن ترشديني إلى الطريق بالإشارة، لا أن تريني إياها عيناً وترافقينني. أو حاولي إقناع السيد هيثكلف ليرسل معي مرشداً، على الأقل.
قالت: «من تريد أن يرسل معك؟ ليس هنا إلا السيد هيثكلف نفسه و «آرنشو» و«زيلا»، ويوسف،وأنا. فمن تريد منا؟».
سألتها: «أليس في المزرعة بعض الصبية؟».
فأجابت: «كلا، ليس هناك غير من ذكرت».
قلت: «فأنا مضطر إذن إلى البقاء الليلة هنا».
قالت: «عليك أن تدّبر هذا الأمر مع مضيفك. أما أنا فلا علاقة لي به».