قد يبدو لقارئ عنوان هذه الرواية قبل أن يخوض عبابها، أن المقصود به الحديث عن سلسلة جبال تقع شمال إنكلترا، لكنه عندما يبحر فيها سيجد أن المقصود بـ «مرتفعات وذرنغ» منزلاً ريفياً في رأس جبل حوله أراضٍ شاسعة كانت مسرحاً للأحداث الدائرة، التي نسجتها الروائية إميل
أنت هنا
قراءة كتاب مرتفعات ووذرنج
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
وإذا بالسيد هيثكلف يصيح من مدخل المطبخ بصوتٍ أجش: «أرجو أن يكون لك في ذلك درس في المستقبل. فلا تقوم بجولة جديدة عبر هذه التلال. ليس لدينا أي سرير إضافي للضيف، وإذا شئت المبيت؛ فما عليك إلا أن تشارك «هرتون» أو يوسف فراشه».
قلت: «أستطيع المبيت على كرسي في هذه الغرفة» فبدرني «آرنشو» التعس قائلاً: «لا، لا؛ إن الغريب غريب على أي حال، سواءً أكان غنياً أم فقيراً، وأنا لن أسمح لأي أحدٍ مهما كان شأنه، أن يشاركني غرفتي».
ثرتُ بهذه الإهانة ونفد صبري وتدفقت على لساني ألفاظ قاسية تنمُّ عن امتعاضي، واندفعت نحو الساحة لألحق بـ «آرنشو». وكان الظلام شديد الحلكة فلم أستطع رؤية الطريق إلى الخارج، فتوقفت أتلفت يمنة ويسرةً لأتبيّنه فسمعت الشاب يقول: «سأرافقه حتى آخر الحديقة فقط».
قال سيده: «رافقه إلى جهنم. ومن سيعتني بالخيول سواك؟».
قالت السيدة هيثكلف بصوت منخفض فيه من اللطف أكثر ما كنت أتوقعه: «إن استنقاذ حياة إنسان أهم من الاعتناء بالخيول ليلة واحدة. ينبغي أن يرافقه أحدٌ ما».
أجاب هرتون: «لسنا تحت إمرتك. يجدر بك أن تصمتي».
أجابت: «لا هدى الله إلى السيد هيثكلف أي مستأجر جديد سواه حتى يسود «غرانج» الخراب».
قال يوسف: «اسمع!! اسمع!! إنها تصبُّ عليه الغضب صبّاً!».
وكان يوسف يحلب البقرات على نور المصباح؛ فاقتربتُ منه، واختطفتُ المصباح وأسرعت به إلى الخارج وقلت له:
- سأعيده غداً صباحاً!
فصاح الشيخ وهو يلحق بي:
- سيدي؛ سيدي!! لقد سرق المصباح، اقبضوا عليه. أمسكوه!.
فتح الباب الصغير فجأة واندفع منه وحشان مخيفان قفزا عليّ كالشياطين وطرحاني أرضاً وانطفأ المصباح. ولحسن الحظ؛ أن الوحشين كانا يقصدان النباح دون القضاء عليّ نهائياً، وأرغمت على البقاء مطروحاً على الأرض أمامهما حتى تكرم سيدهما واستنقذني. وما كدت أقف على قدمي؛ حتى رجوته وأنا أتميز غيظاً أن يخلي سبيلي لأخرج من البيت. ونزف الدم من أنفي لشدة غضبي، فانفجر السيد هيثكلف ضاحكاً فكان ذلك إهانة جديدة منه وجهت إليّ. ولا يعلم بمَ كان سيختتم هذا المنظر إلا الله لو لم تدخل المرأة البدينة «زيلا» سائلة عن سبب الضجيج والصخب.
كانت تعتقد أن أحد الكلاب قد عقرني، ولم تكن تجرؤ على معاتبة سيدها، فصبّت غضبها على الوغد الأصغر. وقالت:
- لقد استبهمت عليّ نيّتك، فماذا تنوي أن تفعل بالضيف يا سيد «آرنشو»؟! أتود أن تقتل امرأً على عتبة منزلك؟ يتراءى لي أن هذا البيت لم يعد يصلح لي - انظر إلى المسكين، كيف يرتجف!
وأمرتني أن أتبعها إلى المطبخ فصبت على رأسي وعنقي قليلاً من الماء البارد لينقطع النزيف. ولحق بنا السيد هيثكلف وأمر «زيلا» أن تقدم لي كأساً من البراندي ثم غادرنا ودلف إلى الغرفة الداخلية وترك «زيلا» تتمتم وتبدي أسفها للحادث. وأنا أتهادى من الخور والدوار، ولا أكاد أتماسك.
أنعشني كأس البراندي قليلاً، فقادتني «زيلا» إلى الفراش.