هذا ما تسنى لي جمعه من أسماء وخِلال الصحابة الشهداء على ارض المملكة الأردنية الهاشمية، بحدودها المعروفة الآن، اقتصرت عليهم دون من دفن في فلسطين من الصحابة كعبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وذي الأصبع التميمي، وفيروز الديلمي، وواثله بن الاسقع الهوازني، ومسعود
أنت هنا
قراءة كتاب شهداء الصحابة على أرض الأردن المستطابة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أرض الأردن مباركة
الأُرْدنُّ - بالضم ثم السكون وتشديد النون – في لغة العرب النعاس الغالب، قال أبّاق الدُّبيري(23):
قد أخذتني نعسة أردن وموهب مبز بها مُصنُّ(24)
ولعل تسمية الأردن البلد بهذا الاسم لطيب هوائه؛ ويؤيده قول النووي رحمه الله: قال محمد بن جعفر الهمداني النحوي في كتابه اشتقاق اسماء البلدان: قال أهل العلم: انما سمي بذلك في قولهم للنعاس الثقيل أُردن، فسمي بذلك لثقل هوائه، فسمي بالنعاس المُخثر جسم صاحبه(25) انتهى.
وقال ياقوت الحموي: الظاهر أن الأُردن الشدة والغلبة(26).
ويقول أهل السير: الأردن وفـلسطين ابناء سام بن أرم بن سام بن نوح عليه السلام(27).
والأردن قديماً يطلق على الاردن اليوم وفلسطين وارضٍ من الشام، وكانت مشهورة بالخصب، حتى عدت من العالم جنة، ومن هنا نجد كفار مكة يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم تحدياً: اجعل لنا جناناً كجنان الأردن، وصور الله تعالى قولهم في القرآن: "وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الانهار خلالها تفجيراً"(28).
فالأردن سابقاً جزء واسع من أرض الشام، ويقال لها: ارض الروم، ارسل اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً للانتقام لمقتل الحارث بن عمير الأزدي، الذي قتل ظلماً، إذ كان سفيراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحاملاً لرسالته، والعادة تقتضي المحافظة على سلامة الرسل السفراء. ولكنه أختير شهيداً على ارض الأردن، سيأتي الحديث عن سيرته بإذن الله تعالى – ليكون سبباً في غزوة مؤتة، تلك الغزوة التي عُدّت كرامة عجيبة خارقة، استشهد خلالها ثلاثة عشر شهيداً، منهم الهاشمي الأول جعفر ابن أبي طالب رضي الله عنه ليكون أول الهاشميين الاخيار استشهاداً على هذه الأرض المباركة، ثم توالت كواكب الهاشميين على ارض الأردن، وما زالوا يحمون الأرض، ويعشقون الاقصى، ويستشهدون على أسواره، ويتعلقون بترابه حتى يقضي الله تعالى امراً كان مفعولاً.
ولا تزال أرض الأردن كسائر أرض الشام خصباً وخيراً ووفرة، وما زالت محط الانظار، يتسابق الاستعمار عليها لابتزاز خيراتها والفوز بطيب هوائها.
يحتل الأردن في وسط العالمين الاسلامي والعربي مركزاً استراتيجياً مرموقاً، كدأبه في جميع العصور، منذ أن افتتحه شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه في العام الثالث عشر من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ففي خلافة الصديق رضي الله عنه افتتح الأردن شرحبيل عنوة ماخلا طبرية، فان أهلها صالحوه على انصاف منازلهم وكنائسهم، وكان فتحه طبرية بعد أن حاصر أهلها أياماً فآمنهم على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم الا ما جلوا عنه وخلّوه، واستثنى لمسجد المسلمين موضعاً، ثم انهم نقضوا في خلافة عمر رضي الله عنه، واجتمع اليهم قوم من سواد الروم وغيرهم، فسير اليهم أبو عبيدة عمرو بن العاص رضي الله عنه في أربعة آلاف ففتحها على مثل صلح شرحبيل، وكذلك جميع مدن الأردن وحصونها على هذا الصلح، فتحاً يسيراً بغير قتال، وزاره الخليفة عمر بن الخطاب أمير المؤمنين في طريقه الى بيت المقدس.
وقد نسب الى الأردن جماعة من العلماء وافرة(29) منهم حسان بن مالك الكلبي، والوليد بن مسلمة الاردني، وأبو سلمة الحكم بن عبدالله بن خطاف الاردني.
وبرزت أهمية الأردن خاصة ابان الحروب الصليبية، فنشأت بها دويلات، وحصون، ومعاقل تبادلها الصليبيون والمسلمون(30).
والحاصل أن الأردن من الارض المباركة، التي تقررت بركتها بالقرآن الكريم فقال سبحانه وتعالى: "سبحان الذي اسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير"(31)، والأردن حول الاقصى، ان لم يكن الاقصى وسطه، وأما بركته فجوانبها متعددة، قال الطبري في تفسير قوله تعالى: "الذي باركنا حوله": يقول تعالى ذكره: الذي جعلنا حوله البركة لسكانه في معايشهم وأقواتهم وحروثهم وغروسهم(32)، وقال الماوردي: فيه قولان: احدهما: يعني بالثمار ومجاري الانهار، والثاني: بمن جعل حوله من الانبياء والصالحين، ولهذا جعله مقدساً(33)، وزاد الالوسي فذكر أنه متعبد الانبياء وقبلة لهم وفي الحديث (انه تعالى بارك فيما بين العريش الى الفرات وخص فلسطين بالتقديس)(34).
لقد ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تعالى: (يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل اليك صفوتي من عبادي)(35)، والشام مصطلح يشمل أرض الأردن، كما جاء في البخاري: باب غزوة مؤتة من ارض الشام(36).
ومن ثم وصفت بانها أرض طيبة مباركة، ضمت في احضانها من الانبياء والشهداء مالا يعلم عددهم الا الله سبحانه وتعالى، وأُغدق عليها الخيرات، التي كانت سبباً في الطمع فيها، فتناهشها الاستعمار، وتكالب عليها الحاسدون.
وفي قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام قال الله تعالى: "ونجيناه ولوطاً الى الأرض التي باركنا فيها للعالمين"(37). والارض هنا أبواب بيت المقدس وما حولها، وفي الحديث: (لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها، وعلى أبواب بيت المقدس وما حولها لا يضرهم خذلان من خذلهم ظاهرين على الحق الى يوم القيامة)(38).