هذا ما تسنى لي جمعه من أسماء وخِلال الصحابة الشهداء على ارض المملكة الأردنية الهاشمية، بحدودها المعروفة الآن، اقتصرت عليهم دون من دفن في فلسطين من الصحابة كعبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وذي الأصبع التميمي، وفيروز الديلمي، وواثله بن الاسقع الهوازني، ومسعود
أنت هنا
قراءة كتاب شهداء الصحابة على أرض الأردن المستطابة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ثاني شهداء مؤتة
ذو الجناحين جعفر الطيار (81)
ثاني شهداء مؤتة السيد الشهيد جعفر ابن أبي طالب رضي الله عنه، الكبير الشأن، علم المجاهدين، أبو عبد الله، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، أخو علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه وهو أسن منه بعشر سنين(82)، هاجر الهجرتين، وهاجر من الحبشة الى المدينة، فوافى المسلمين وهم على خيبر إثر أخذها، فالتزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقّبل بين عينيه، وقال: (ما أدري بأيهما انا افرح بقدوم جعفر أم بفتح خيبر)(83)، لقد كان له في الحبشة صولة وجولة، أدهشت النجاشي، حتى تمنى أن يكون خادماً للنبي صلى الله عليه وسلم وحاملاً لنعليه وموضئه.
إن جعفر ابن أبي طالب من شهداء آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من شجرتهم، فعن اسامه بن زيد رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لجعفر: (أشبه خَلقُك خَلْقي، واشبه خُلُقُك خُلُقي، فأنت مني ومن شجرتي)(84) وأما جوده وكرمه فيصوره أبو هريرة رضي الله عنه إذ يقول: ما احتذى النعال ولا ركب المطايا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضلُ من جعفر ابن أبي طالب(85).
قدم جعفر رضي الله عنه الاردن في غزوة مؤتة، قائداً ثانياً للجيش، ولما أصيب القائد الأول زيد بن حارثة رضي الله عنه، أخذ جعفر اللواء الابيض فشدَّ على الناس حتى قتل، وذلك بعد أن اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها(86) وكان أول من عقر في الاسلام وقال:
يا حبذا الجنة واقترابها والروم روم قد دنا عذابها
طيبة وبارد شرابها عليَّ إن لاقيتها ضرابها
لقد تناوشته سهام القوم، وطعن وكثُر فيه الطعن؛ قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: (كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر ابن أبي طالب فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعاً وتسعين من طعنة ورمية)(87)، ولكن تلك الطعنات لم تثنه عن قتاله، طمعاً في الشهادة وحرصاً على الراية حتى تقطعت اطرافه، فابدله الله تعالى جناحين يطير بهما في الجنة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس واسماء بنت عميس(88) قريبة، اذ قال: (يا اسماء هذا جعفر مع جبريل وميكائيل مرّ، فأخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا فسلّم فردي عليه السلام، وقال: إنه لفي المشركين فاصابه في مقاديمه ثلاث وسبعون، فأخذ اللواء بيده اليمنى فقطعت، ثم اخذ باليسرى فقطعت، قال: فعوضني الله من يديّ جناحين اطير بهما مع جبريل وميكائيل في الجنة آكل من ثمارها)(89).
لقد حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتله، وقال لاهله: اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد شغلوا عن انفسهم(90)، وما واساه الا عندما رآه ملكاً يطير في الجنة مضرجة قوادمه بالدماء، فعليك رحمة الله يا من سموك أبا المساكين، لانك كنت تذهب بهم الى بيتك، فاذا لم تجد لهم شيئاً اخرجت لهم عكة اثرها عسل فيشقونها ويلعقونها(91).