هذا ما تسنى لي جمعه من أسماء وخِلال الصحابة الشهداء على ارض المملكة الأردنية الهاشمية، بحدودها المعروفة الآن، اقتصرت عليهم دون من دفن في فلسطين من الصحابة كعبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وذي الأصبع التميمي، وفيروز الديلمي، وواثله بن الاسقع الهوازني، ومسعود
أنت هنا
قراءة كتاب شهداء الصحابة على أرض الأردن المستطابة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
شهداء ذات أطلاح أوائل الشهداء
كعب بن عمير الغفاري وأصحابه
تقع ذات أطلاح قرب الطفيلة في الأردن، وصفها ياقوت الحموي(39) بأنها وراء ذات القرى، وفي الاصابة(40): من أرض البلقاء، وفي خطط الشام(41): بين تبوك وأذرعات.
نزلت فيها قبائل قضاعة، تطلب المتسع من المعاش، قال شاعرهم(42):
وقد نزلت منا قضاعة منزلاً بعيداً فأمست في بلاد الصنوبر
أرسل اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عمير الغفاري(43) وهو من كبار الصحابة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه مرة بعد مرة على السرايا، وفي السنة الثامنة بعد هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ذات أطلاح، قال الطبري(44): (في شهر ربيع الأول من السنة الثامنة كانت سرية عمرو بن كعب الغفاري الى ذات أطلاح) كذا قال ابن جرير، والصواب ما اثبتت كتب التراجم أنه كعب بن عمير، وقال ابن جرير: خرج في خمسة عشر رجلاً حتى انتهى الى ذات أطلاح، فوجد جمعاً كثيراً فدعوهم الى الاسلام فأبوا أن يجيبوا فقتلوا أصحاب عمرو جميعاً، وتحامل(45) حتى بلغ المدينة، قال الواقدي: وذات أطلاح من ناحية الشام وكانوا من قضاعة، ورأسهم رجل يقال له: سدوس.
ونقل ابن سعد(46)عن الزهري أن الغفاري وأصحابه لما بلغوا ذات أطلاح من ارض الشام وجدوا جمعاً من جمعهم كثيراً، فدعوهم الى الاسلام فلم يستجيبوا لهم،
ورشقوهم بالنبل، فلما رأى ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلوهم أشد القتال حتى قتلوا، وأفلت منهم رجل جريح في القتلى، فلما برد عليه الليل تحامل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فشق ذلك عليه، وهمّ بالبعث اليهم - الى قضاعة – فبلغه أنهم قد ساروا الى موضع آخر فتركهم(47).
لقد كانت هذه الحادثة في السنة الثامنة، وهي السنة التي قُتل فيها الحارث بن عمير الأزدي، والذي كان قتله سبباً في غزوة مؤتة الشهيرة، فلعل حادثة ذات أطلاح كانت قبل مقتل الحارث والله تعالى أعلم.
والظاهر أن سبب هذه السرية غير معروف، قال برهان الدين الحلبي: لم أقف على السبب الذي اقتضى البعث الى ذلك المحل(48).
إن المتأمل في أفراد هذه السرية الأبطال ليتاكد لديه صدق عزيمة السلف الأبرار، وقوة شكيمتهم، واختيارهم الحياة الآخرة على الدنيا الفانية؛ إذ كيف يقف النفر الذين لم يتجاوزوا العشرين أمام قبائل قضاعة! وهم ببلادهم، وعلى أرضهم، وبين أهليهم، والمسلمون مسافرون وبلا مأوى ولا وفرة زاد، ولا كثرة عدة وعتاد! لكنهم يملكون من العقيدة وحب الاستشهاد، والتطلع الى احدى الحسنيين ما يفوق عدد الكفرة وعدتهم، وبهذا كانوا ينتصرون، ويتفوقون، انه الدين الذي أكرمهم الله تعالى به.
وكدأبه لم يذكر التاريخ غير العدد (49) اكتفاء بالأفعال بدل الاشتهار، والحظ الأوفر للأرض التي تباركت بأجسادهم وتعطرت بأفعالهم، وكريم خصالهم، فعليهم وعلى شهدائنا الابرار الرحمة والرضوان.