أنت هنا

قراءة كتاب شهداء الصحابة على أرض الأردن المستطابة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شهداء الصحابة على أرض الأردن المستطابة

شهداء الصحابة على أرض الأردن المستطابة

هذا ما تسنى لي جمعه من أسماء وخِلال الصحابة الشهداء على ارض المملكة الأردنية الهاشمية، بحدودها المعروفة الآن، اقتصرت عليهم دون من دفن في فلسطين من الصحابة كعبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وذي الأصبع التميمي، وفيروز الديلمي، وواثله بن الاسقع الهوازني، ومسعود

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 7

غزوة مؤتة ورياض شهدائها

مُؤْتة – بضم الميم وسكون الواو المهموزة، وقيل: بغير همز – قرية عريقة، يذكرها المؤرخون على أنها من قرى البلقاء(59) وقد ورد في ترجمة الامام البخاري، باب غزوة مؤتة من ارض الشام(60) وقيل: من مشارف الشام وبها كانت تطبع السيوف، واليها تنسب المشرفية من السيوف، قال كثير:
إذا الناس ساموكم من الامر خطة لها خطمة فيها السمام المثًّملُ
أبى الله للشّم الأنوف كأنهم صوارم يجلوها بمؤتة صيقلُ(61)
وهي اليوم مدينة، تضم في جنباتها جامعة مؤتة، تشيد ما أسسه الصحابة الكرام على ارضها، وترفع مقاماتهم، وتعلي مآذنهم، وتوثق علاقة الخلف بسلفهم الأبرار.
دارت على أرضها معركة عظيمة - سبق ذكر سببها عند الحديث عن الحارث الأزدي رضي الله عنه – إذ بعد عمرة القضاء أقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة حتى بعث الى مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمانٍ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم(62) وذلك بعد أن دعا الناس فعسكروا بالجرف قرب المدينة، وتهيأوا للخروج، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الامراء، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أمّر رسول الله صلى عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبدالله بن رواحه)(63).
لقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقاربه، وأحبابه، وأنصاره، فاختارهم الله سبحانه وتعالى شهداء على ارض مؤتة.
انه لتكريم عظيم، أن يدفن في الأردن من خيار الناس وارفعهم، قال حسان بن ثابت رضي الله عنه فيهم:
فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر
وزيد وعبدالله هم خير عصبة تواصوا وأسباب المنية تنظر(64)
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مشيعاً حتى بلغ ثنية الوداع، فوقف، ووقفوا حوله، ووصاهم بالغزو في سبيل الله، ومقاتلة اعداء الله، ونهاهم عن قتل النساء والصبيان، وعن حرق النخل وقطع الشجر، وهدم البناء، وغير ذلك مما يعبر عن أهداف الجهاد وغاياته، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، ونقاء سريرته، وعفوه، وحلمه، ورأفته، ورحمته.
وسار الجيش حتى بلغوا معان فأقاموا بها يومين، وبلغهم أن هرقل قد نزل بمآب من أرض البلقاء بمائة الف من الروم ومائة الف من نصارى العرب، قال عبدالله بن رواحة في ذلك:
أقامت(65) ليلتين على معانٍ فأعقبت بعد فترتها جموم
فرحنا والجياد مُسومات تنفّس في مناخرها سموم
فلا وأبي مآب لنأتينها وإن كانت بها عرب وروم(66)
ولما رأى المسلمون كثرتهم قالوا: نبعث الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره بكثرة عدونا، فحثهم عبدالله بن رواحة رضي الله عنه، فتقدم المسلمون، والتقى الجيشان، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر الى معركتهم، ويخبر عنهم، وعن مقتل أمرائهم، حتى أخذ الراية خالد بن الوليد رضي الله عنه، ولم يكن من الامراء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم انه سيف من سيوفك فانت تنصره)(67) فمن يومئذٍ سمي سيف الله، ففتح الله عليه، وانحاز بالمسلمين، حتى رجعوا سالمين بعد أن انكشف عدوهم منهزمين، خائفين، لقد فتح الله تعالى على خالد بن الوليد رضي الله عنه فجعل المقدمة ساقة – مشاة – والميمنة ميسرة، فانكر العدو حالهم، وقالوا: جاءهم مدد، فرعبوا وانكشفوا، واصاب منهم المسلمون، وغنموا بعض أمتعة المشركين.
وقدم يعلى بن أمية بخبر أهل مؤتة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئت فأخبرني، وان شئت أخبرك، قال: فأخبرني، فأخبره خبرهم، فقال: والذي بعثك بالحق ما تركت من حديثهم حرفاً لم تذكره(68).
وانحاش ابن الوليد بالجيش ومرّ في طريقه على أهل قرية في حصن كانوا شدوا على المسلمين في القتال، فحاصرهم، وفتح حصنهم عنوة، وقتل مُقاتلتهم في نقيع الى جانب حصنهم، فسمي ذلك النقيع نقيع الدم الى اليوم، كذا قال ابن عساكر(69).
وعاد خالد بن الوليد سالماً، والمسلمون معه نجاهم الله تعالى ليفوزوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: انهم الكرار ان شاء الله، وتركوا لنا كنوزاً، من الشهداء الابرار الاخيار، وفيهم قال كعب بن مالك:
صلى الاله عليهم من فتية وسقى عظامهم الغمام المسبل
صبروا بمؤتة للاله نفوسهم حذر الردى وحفيظة أن ينكلوا(70)
فمضوا امام المؤمنين كأنهم فنق(71) عليهن الحديد المرفل
إذ يهتدون بجعفر ولوائه قدام اولهم فنعم الأول(72)
أولئك الذين سأبدأ – باذن الله تعالى – سيرتهم وامجادهم وبطولاتهم.

الصفحات