هذا ما تسنى لي جمعه من أسماء وخِلال الصحابة الشهداء على ارض المملكة الأردنية الهاشمية، بحدودها المعروفة الآن، اقتصرت عليهم دون من دفن في فلسطين من الصحابة كعبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وذي الأصبع التميمي، وفيروز الديلمي، وواثله بن الاسقع الهوازني، ومسعود
أنت هنا
قراءة كتاب شهداء الصحابة على أرض الأردن المستطابة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
من أوائل الشهداء
الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه (50)
من أوائل شهداء الصحابة على ارض الأردن سفير من الرسل والسفراء، الذين وجههم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الملوك والامراء، ففي السنة الثامنة بعد الهجرة الشريفة(51) بعث الرسول صلى الله عليه وسلم الحارث بن عمير الأزدي أحد بني لِهْب – بكسر اللام وسكون الهاء(52) - بكتابه الى ملك بُصرى الشام(53)التابع لقيصر ملك الروم وأحد امرائه(54)، وقيل الى هرقل عظيم الروم بالشام(55)، فلما نزل الصحابي – رضي الله عنه – اللهبي الأزدي ارض حاكم مؤتة جنوب الأردن عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني، وقال له: أين تريد؟ لعلك من رسل محمد؟ قال: نعم، فأوثقه رباطاً، ولم يثنه تعذيب الغساني عن مواصلة دعوته بجرأة وشجاعة وإقدام، فقُدم وضربت عنقه، ولم يُقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسول غيره، ولم تجر العادة بقتل الرسل والسفراء عند الملوك والامراء مهما اشتد الخلاف، ومهما كُرهت الرسالة التي يحملونها.
إن المتأمل في صبر الصحابي الشهيد وعزيمته ليتأكد لديه مدى عناية النبي صلى الله عليه وسلم باصحابه وتربيته لهم، كما يتأكد لديه ثمرة الايمان اذا استقر في النفس، وتمكن من القلب، وكأن لسان حاله يقول ما قاله الذين آمنوا من سحرة فرعون: "وما تنقم منا الا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين"(56).
ولما كان هذا الحادث غير محتمل، ولا يجوز التغاضي عنه، لما فيه من الخطر والاهانة، كان لا بد من تأديب المعتدي، والغضب للمُعتدى عليه، حتى لا تهون حياة السفراء ولا تتكرر هذه المأساة(57).
إن الدماء الزكية التي نزفت من الحارث الأزدي لم تذهب هدراً، فقد تطيب بها ثرى الأردن أولاً، وانتقم لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانياً؛ إذ لما اتصل خبره برسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد ذلك عليه، وندب الناس فاسرعوا وعسكروا بالجرف على بعد ثلاثة أميال من المدينة المنورة، وعقد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء الأبيض وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير ويدعو من هناك الى الاسلام فإن أجابوا والا استعانوا عليهم بالله تبارك وتعالى وليقولوا: بسم الله، وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (أغزوا بسم الله فقاتلوا عدو الله وعدوكم بالشام)(58).
إن التاريخ لم يرو لنا من سيرة هذا الصحابي وصفاته الكثير ولعل قصر مدة صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عائقاً عن تتبع آثاره، واستكشاف خلاله وفضائله، ولكن الذي وصلنا كفانا وزاد، فاختيار النبي صلى الله عليه وسلم له حاملاً لرسالته، وصبره على دعوته حتى لقي ربه شهيداً كافيان لاظهار فضله وسبقه، انه من السابقين المقربين.
ولعل من أقوى الأدلة على حب المؤمنين له أنه لما نودي للثأر له اجتمع ثلاثة الاف من المجاهدين، يحملون الخير، وينشرون البر، ويعشقون الصبر.
وسارت جحافل المؤمنين للثأر لمقتل الحارث رضي الله عنه يتقدمهم زيد بن حارثة حِب النبي صلى الله عليه وسلم، ليكون الشهيد التالي من شهداء الصحابة الكرام في الأردن.