أنت هنا

قراءة كتاب سلطة التاريخ

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سلطة التاريخ

سلطة التاريخ

 إذا كان للتاريخ سلطان، فمن الطبيعي أن تكون له سلطة.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
-2-
 
فضـاء المـوت:
 
يفضي بنا فضاء النصّ إلى "عالم الموت"، حيث يسرد فيه المظلومون حكاية نكبتهم الفلسطينية بما فيها من موت وتهجير وتقتيل وضياع.
 
وتبدو في الرواية، ظواهر تدلّ على موت البشر وتغيّر المكان وعلى قتامة الزمن، تبدّت في شخصياتٍ منكوبة وضائعة ومهاجرة ومشوّهة وهائمة وفاقدة عقولها بعد الاحتلال، مثل "مجنونة الكابري" التي كانت تجمع العظام، فأخافت الناس في وقت كان الجليل يرتجف خوفاً، كما تبدّت في أصوات الموتى وأشباحهم وأطيافهم. أمّا ظواهر الموت المكانية فقد تجسّدت في المقابر والنُصُب التذكارية والبيوت المهدّمة والقرى المهجورة والأشجار المقلوعة(6).
 
ليس من الغريب، إذن، أن تبدأ الرواية بموت أم حسن بعبارة (ماتت أم حسن)(7)، وأن يقول أبناء مخيم شاتيلا عنها "ماتت أمّنا"، وأن يتلو خبرَ موتها مشهدُ مرض يونس الأسدي النزيل في مشفى الجليل، حيث يشرف عليه الراوي الدكتور خليل. حول هذه الأحداث وحول هاتين الشخصيتين يدور السرد، وتُنزَع الروح من جسد أم حسن وجسد يونس وجسد الوطن.
 
لقد تشكّلت شخصية الفلسطيني ومواقفه في "فضاء الموت" هذا، فهو يعاشره ويواجهه، وهو "فراريّ" لا ينسى وطنه ولا ينام، وهو عبورٌ دائمٌ نحو الوطن، غير أنه لا يقبل أن يكون لاجئاً يأنس بمكانٍ خارج بلاده، مما دفع أمّ حسن إلى القول (فلسطين لن تعود قبل أن نموت جميعاً)(8)، لذا انتظم "يونس" في "الجهاد المقدّس" مع عبد القادر رحمه الله وفي "كتائب الفداء العربي" ثم في "حركة القوميين العرب" ثم في "قيادة إقليم لبنان في حركة فتح".
 
وفي "فضاء الموت" هذا، بدت الأمّ الفلسطينية وهي تروي حكايتها مع الموت والحرب، وتقرأ ما في ذاكرتها المؤلمة، وما تعانيه من أزمة "الفقد"، يتوزّع زمانها بين ماضٍ مؤلمٍ مرتبطٍ بالمذابح، وحاضرٍ ترفض أن تحوّله إلى ملهاة أو إلى مادّة إعلاميّة تثير الحزن والشفقة، ومستقبلٍ دربه شاقةٌ وطويلة، تقول أمّ أحمد السعديّ عن أولادها (أعرف أنهم لا يريدونني أن أحكي عنهم، ربما،كلما حكيت عنهم تذكروا المذبحة، الأموات يتذكرون، والذكريات مؤلمة كالسكين)(9).

الصفحات