أنت هنا

قراءة كتاب الراوي: الموقع والشكل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الراوي: الموقع والشكل

الراوي: الموقع والشكل

يقدم هذا الكتاب دراسة لموقع الراوي في السرد الفني المعاصر من خلال قراءات لـ"التيه" لعبد الرحمن منيف، و"رائحة الصابون" لالياس خوري من كتابه "المبتدأ والخبر"، و"ميرامار" لنجيب محفوظ، و"موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

النقد/القراءة

I

النقد، أساساً، هو قراءة النصوص. والقراءة نشاط ذهني يمارسه القارئ.
تحتاج ممارسة القراءة إلى أدوات كي تصبح فعلاً نشطاً ومنتِجاً.
تكون القراءة نشطة ومنتِجة حين يكون بمقدور القارئ أن يفهم النصَّ ويفسّره فيناقشه أو يحاوره: يقبل ما يقوله النصُّ أو يرفضه. يعرف كيف يصغي إليه فيسأله، ويقرأ أسئلته فيرى إلى احتمال الأجوبة.
القراءة النشطة تعني أن لا يبقى القارئ مجرّد متلقٍّ، تنطبع على سطح ذاكرته حمولات النصّ، وتتركه أسيراً لها، مستسلماً، بلا قوة، لسطوتها... هي التي تصوغ لوعيه جدراناً، فيتكوّن متنمطاً داخلها.
إن مفهوم القراءة، بمعناها النشط، هو نقد ينتج معرفةً بالنصّ. وإن النقد، بمعناه المنتِج، هو قراءة تمكِّن من يمارسها من أن يكون له حضوره الفاعل في النتاج الثقافي في المجتمع، أي من أن يكون معنيّاً بالحياة التي تنمو وتتغيّر حوله، فيساهم هو، ومن موقعه في المجتمع، في تطويرها.

II

لكن، لماذا النقد قراءة؟
نعرف أنَّ النقد يعتمد النصَّ موضوعاً له. فالنقد نصٌّ لكنه يشتغل على نصٍّ آخر. والشغل على نصٍّ آخر يعني أولاً وقبل كل شيء قراءة هذا النصّ ومعرفته، ليس من نصٍّ نقدي بدون نصٍّ مقروء.
هذا التأكيد على صفة القراءة للنقد هو، في معناه الفعلي، تأكيد على أهمية النصّ موضوع النقد، وعلى الربط، ربطاً مباشراً، بين النقد وهذ النصّ الذي هو موضوعه. فلا نقد بدون نصوص مقروءة، ليس النقد نقداً حين يهمل النصّ أو النصوص، أو حين يكتفي بنظرة برّانية، لا ترى إلى دواخل النصّ، أو إليه من حيث هو مادة: النصّ/الموضوع هو أساسي لفعل النقد لأنه هو المادة. بدون هذه المادة النصّية، كيف يمكن للناقد أن يكتب نصّاً نقديّاً.
بتأكيده على أن تكون له مادة يشتغل عليها، يعبّر النقد عن تأثّره بعلوم عصره، وعن تطلّعه لأن يكون هو أيضاً علماً.
غير أن تطلّع النقد لأن يكون علماً، ما زال يعاني إشكاليّة هامة. هذه الإشكاليّة المطروحة بشكل خاص على النقد الأدبي، تطرحها المادة الأدبيّة نفسها، أي مادة شغله نفسها التي لا يمكنه أن ينهض، كعلم، بدونها، لأنَّ لا علم يقوم بدون مادة هي موضوع له.
تتحدّد هذه الإشكالية في السؤال التالي: هل يمكن للنص الأدبي أن يكون مادة بحث علمي؟
هذا السؤال مطروح انطلاقاً من سؤال آخر: هل تشكّل المادة الأدبيّة/النصّ، موضوع بحث خارج القيمة، وهل القيمة تقوم، فقط في النص، أم في علاقة النص بالقارئ؟ وإذا كان القارئ طرفاً متغيّراً، أو طرفاً يقيم علاقته بالنصّ من موقع له في المجتمع متغيّر، فكيف يمكن الشغل على النصّ/الموضوع والبحث في قيمته أو إنتاج معرفة بهذه القيمة؟

الصفحات