رواية (أتحداك)؛ نظرت آمي إلى انعكاس صورتها في المرآة، وألقت على نفسها محاضرة حازمة ومطولة: عليها أن تعمل جاهدة على تجنب روكو قدر المستطاع.
أنت هنا
قراءة كتاب أتحداك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
1 - من أنت؟
- ما هذا؟
هذا ليس مجرد سؤال، بل طلب يستوجب تفسيراً سريعاً.
تميز اليومان الماضيان بمثل هذه الطلبات المقنّعة بالأسئلة المهذبة، وذلك بعد أن انقض روكو لوسي على شركة لوسي للبناء مثل نمر يهاجم مجموعة من الضحايا الضعيفة راغباً في القضاء عليها. نظر ريتشارد نيوتن بقلق إلى حيث أشار روكو بإصبع أسمر طويل وتنهد. قال مفسراً: "هذه إحدى المساعدات المالية".
مال إلى الأمام ليحدق في الورقة، ثم تراجع إلى الوراء في كرسيه وهو يشعر بالشؤم.
- إحدى المساعدات المالية؟ وأين الوثائق العائدة إلى هذا النوع من الأعمال؟
دفع روكو كرسيه إلى الوراء وتأمل ببرودة الرجل الذي بدا كأنه أصيب بحالة من الاهتياج العصبي. من الغرابة أن شركة والده تحقق أرباحاً مع أن العدد الأكبر من المسؤولين الإداريين هم من الطراز القديم، وفي أعمار تقارب سنوات التقاعد. ها هو ريتشارد نيوتن مدير المحاسبة يتصبب عرقاً أمامه، ومع أنه أحد العناصر الأكثر شباباً في الإدارة، بالكاد يستطيع روكو أن يقول عنه إنه من المستوى المطلوب. في الحقيقة، ما كان الرجل ليصمد أكثر من خمس ثوان في شركته الضخمة في نيويورك حيث يتم إقصاء الكبار في السن وذوي الكفاءة المحدودة ليتركوا إلى مصيرهم المحتم، وهذا ما سيفعله هنا في وقت قريب جداً. لكن الضغط الناتج عن طريقة العيش السريعة في نيويورك هو أكثر شراسة من الحياة هنا في بلاد شكسبير.
وضع روكو يديه على سطح مكتب والده ولفظ كلماته التالية بحزم وقسوة واضحين: "اصغِ إلى ما سأقوله جيداً، سيد نيوتن. أنا أجبرت على ترك مكاتبي في نيويورك بسبب الأحداث التي لم تترك لي أي خيار. لكنني هنا الآن ولا أرغب في أن أتصرف بلا مبالاة، فأربت على ظهرك وأتركك تعمل بطريقتك المشوشة التي يبدو أنك لا تعرف غيرها. لم أتوقع أن أضطر إلى طرح أي سؤال لأنني توقعت أن أجد كل المعلومات التي أطلبها عن شركة والدي مدونة أمامي وعلى هذا المكتب، بانتظار أن أطلع عليها. هل أوضحت ما أريده بالتحديد؟"
راقب روكو لوسي الرجل الجالس أمامه وهو يهز رأسه بضعف، ولم يخالجه أي إحساس بالتعاطف معه، فهو ليس هنا ليحصل على شعبية ما أو ليجد أصدقاء له. إنه هنا بصورة مؤقتة ليستلم المهام في شركة والده، فيعيد إليها الثقة والقوة. وعندما يحين الوقت سيتمكن من مغادرة هذا المكان والعودة إلى المدينة التي باتت مقره منذ أكثر من عشر سنوات. كما أنه غير مستعد للقبول بأي عمل سطحي، فهذا ليس أسلوبه. أتى إلى هنا بالرغم من إرادته، وهو راغب في إزالة أي عائق ليتأكد من جعل شركة لوسي للبناء في أعلى مستوى ممكن.
تم البحث عن الملف ووضع أمامه. ومن دون أن يزعج نفسه بالنظر إليه، أخبر روكو ريتشارد نيوتن أنه سيبقى مكانه بالتحديد حتى يجيب عن كل الأسئلة التي سيطرحها عليه. تمهل وهو يقرأ الملف، وبالكاد رفع نظره إلى الرجل الذي ينتظره بصبر حتى ينتهي. بعد ذلك تراجع إلى الوراء على كرسيه ونظر إلى ريتشارد نيوتن بصمت لعدة دقائق.
- اشرح لي كيف تتلاءم هذه المساعدة المالية بالتحديد مع الربح العام للشركة.
- آه! أجل. حسناً...! يحقق والدك أرباحاً وافرة من شركته، فهي واحدة من أهم مؤسسات البناء في المنطقة، كما تعلم. ومع ازدهار بناء المنازل عبر السنين، فليس هناك حدود للعمل. وكما ترى من الأوراق أمامك. الأمور جيدة وتسير على أتم ما يرام. وإن أردت الحقيقة إنها أكثر من جيدة.
لاحظ روكو التملص الواضح من الإجابة عن سؤاله بعينين حادتين. كما أنه لم يشجع الرجل بالتلفظ بأي كلمة. بدلاً من ذلك، نظر إلى ساعته، ثم أعاد انتباهه إلى وجه ريتشارد نيوتن المتوهج من الاحراج، فتابع هذا الأخير: "أما كيف تتلائم مع جني الأرباح... حسناً! إنها لا تتفق مع الأرباح... ليس بشكل واضح. من المحتمل أنك لا تعلم كيف تجري الأمور هنا، سيد لوسي. أقصد... أنت معتاد على طرق أكثر عدائية في محيط عملك، على ما أظن...".
- إنني أتطلع إلى إجابة من جملة واحدة، سيد نيوتن. أنت رئيس المحاسبة، ومن المؤكد أن ذلك ليس بأمر صعب عليك.
- هذه المساعدة المالية بالتحديد هي التي تدعم الاسم التجاري للشركة... هذا ما يقال. آمي هوغان تهتم بها، ويمكنك القول إنها تمسك بزمام الأمور القانونية. والدك متحمس جداً لفكرة استعادة قسم من الأموال. وبالطبع، تعمل آمي على تحقيق الأرباح من هذا العمل أيضاً.