أنت هنا

قراءة كتاب القانون ابن الحياة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القانون ابن الحياة

القانون ابن الحياة

كتاب " القانون ابن الحياة " ، تأليف د.عبد الجبار الجبوري ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 4

المبحث الثاني :التشريع في بعض الأقطار العربية

كان الوطن العربي، لأهميته، من الأهداف المهمة للدول الاستعمارية ومنها الدولة العثمانية ذات الأهداف التوسعية التي احتلته، وسعت بعد الاحتلال إلى تغيير أوضاع الدولة الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية، فحاول سلاطينها إحداث نهضة تشريعية تقوم على إصلاح النظم القانونية التي تقوم عليها الإمبراطورية العثمانية، فأصدر السلطان عبد الحميد في 26 شعبان سنة 1255 هجرية مرسوم الإصلاح المعروف باسم (خط كلخانة) ثم صدرت بعد ذلك بعض التشريعات القانونية الخاصة، حيث صدر سنة 1850 قانون التجارة البرية ثم قانون أصول المحاكمات التجارية سنة 1870، بعدها صدر قانون الأراضي لسنة 1858 لتنظيم أنواع الملكيات العقارية في الأقطار الخاضعة لحكم الدولة العثمانية.

وقد استعان المشرع العثماني في ذلك الوقت بعملية التشريع في التقنينات الغربية ولا سيما التشريعات والتقنينات الفرنسية.

وبعد صدور هذه القوانين صدرت في عام 1869 (مجلة الأحكام العدلية) التي أصبحت القاعدة الرئيسة في المحاكم العثمانية باعتبارها من أهم القوانين التي طبقت في الدولة لشمولها بأحكام المعاملات وفقاً لمذهب أبي حنيفة (رض) ولم تتناول مجلة الأحكام العدلية المعاملات المتعلقة بالأحوال الشخصية (الإنسان) وإنما تركت ذلك للقوانين والتشريعات القديمة.

وقد وجهت لهذه المجلة عدة انتقادات قانونية، موضوعية وشكلية، حيث نظمت وفق الطريقة القديمة في التصنيف كذكر الحلول الجزئية وأحكام العقود بطريقة منفردة ولغة ضعيفة وأسلوب مضطرب في التقنين.

إضافة إلى ذلك تمسكها وانفرادها بوحدانية الفقه الحنفي دون أنواع الفقه الأخرى فجاءت أبوابها وفصولها دون ترتيب أو استناداً إلى نظرية علمية في المعاملات والعقود والأفعال. وسوف نتناول هذه المجلة بشكل تفصيلي في أحد فصول هذا الكتاب باعتبارها من المصادر التشريعية لمعظم الأقطار العربية ومنها العراق.

ولم يتخلص الوطن العربي من الغزوات والاحتلال الأجنبي حيث بدأ الاستعمار الغربي، بعد الاحتلال العثماني يدخل المنطقة العربية خلال القرن التاسع عشر بعد أن كان خاضعاً للسيطرة العثمانية حتى بداية الحرب العالمية الأولى حينما انهارت الإمبراطورية العثمانية.

ونتيجة للحرب العالمية الأولى امتدت السيطرة الاستعمارية الغربية الجديدة البريطانية والفرنسية إلى أجزاء الوطن العربي ومنها المنطقة الممتدة بين البحر المتوسط والخليج العربي(17).

وحاولت القوى الاستعمارية الجديدة العمل على تجزئة الوطن العربي إلى ولايات وإمارات من أجل تفتيت قدراته المادية والبشرية والاقتصادية، فأخذت هذه القوى أشكالاً مختلفة من السيطرة كالضم والإلحاق والانتداب والحماية والوصاية بأساليب غير مباشرة وتحت مسميات وطنية زائفة(18).

وأول ما قامت به القوى الاستعمارية هو العمل على خلق تشريعات تعبر عن مصالحها الرأسمالية في الصناعة وشركات الاحتكار وحماية مصالح رجال الأعمال. فانتقلت القوانين الغربية إلى الوطن العربي وحلت محل القوانين الوطنية الأصلية من أجل نهب ثروات الأمة العربية كالبترول وتمويل أسواقها ومصانعها من خيرات الوطن العربي(19).

وقد لجأت القوى الاستعمارية إلى تزوير القانون الدولي للتعبير عن إرادتها إلى: (إن القانون الدولي يخول القائد العام حق التشريع والإدارة في البلاد التي تحررها قوات الحلفاء من العدو)(20). لقد استمرت الأمة العربية، في ظل هذا الوضع السياسي في اقتباس القوانين والتشريعات من مصادر مختلفة أهمها القانون الفرنسي الذي استندت إليه القوانين في سوريا ولبنان. أما التشريع الانكليزي فكان محصوراً بالدول التي تقع تحت النفوذ البريطاني كالسودان وعدن.

وبعد الحرب العالمية الثانية عملت الدوائر القانونية في الأقطار العربية على تعديل قوانينها من أجل الإفادة من عملية تنويع مصادر التشريع سواء أكانت هذه المصادر أجنبية أم وطنية متأثرة بالمصالح الرأسمالية والاقطاعية، لذلك جاءت أكثر القوانين العربية نتاجاً للمصالح والقيم الإقطاعية والرأسمالية التي سادتها الفلسفة الفردية الصرفة(21).

لقد كان للمناخ السياسي والاقطاعي والاقتصادي الأثر الكبير في السياسة التشريعية ووضع القوانين في الأقطار العربية، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن القانون، أي قانون هو ابن مرحلته (ابن الحياة) حيث يولد من رحم الربط الجدلي بين تلك الظروف ومعاناة الإنسان، لذلك نرى أن هذه القوانين تختلف من قطر إلى آخر بسبب اختلاف الظروف والمناخات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتشريعية كما نرى ذلك في بعض الأقطار العربية التالية:

الصفحات