أنت هنا

قراءة كتاب القانون ابن الحياة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القانون ابن الحياة

القانون ابن الحياة

كتاب " القانون ابن الحياة " ، تأليف د.عبد الجبار الجبوري ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 6

2 – التشريع في العراق

كان العراق تابعاً للأمبراطورية العثمانية من الناحية التشريعية، إضافة إلى النواحي الأخرى، حيث كانت تطبق قوانينها على المواطنين كافة.

وبعد الحرب العالمية الأولى خضع العراق لما يسمى (إدارة المناطق العادية المحتلة) أسوة بأجزاء ومناطق الدولة العثمانية التي خضعت للاحتلال البريطاني أثناء الحرب، ولأحكام الاحتلال سيطرته على البلاد المحتلة كانت ترافق القوات العسكرية بعثات وفرق سياسية وفنية وقانونية لإصدار التعليمات والبيانات كل حسب اختصاصه وخصوصاً فيما يتعلق بسريان قوانين وأنظمة الدولة العثمانية، مثل مجلة الأحكام العدلية وأصول المحاكمات الحقوقية العثمانية، وسريان القوانين الأجنبية الأخرى مثل قانون الشركات الهندي(25).

وفي ذلك الوقت صدرت عدة قوانين أخرى مثل قانون العقوبات البغدادي وأصول المحاكمات الجزائية البغدادية ونظام دعاوى العشائر المدنية والجزائية التي تخول السلطات الحاكمة ما يسمى (الحكومة الوطنية) وذلك بتاريخ 16/7/1921.

وبقيت هذه القوانين نافذة بحكم المادتين (113، 114) من القانون الأساسي العراقي. وكانت هذه القوانين وغيرها من قوانين الدولة العثمانية تمثل نظام الحكم المتخلف المتسلط على العراق.

وبعد أن ثارت الجماهير الفلاحية في العراق عام 1920، حاول الاستعمار البريطاني مقاومة الحركة الوطنية من أجل ضمان مصالحه، فعمد إلى سياسة الترغيب والتهديد لشراء ولاء بعض الطبقات الاجتماعية ليخلق منها طبقة حاكمة من تجار المدن وشيوخ العشائر وأفندية وباشوات بغداد من بقايا الحكم العثماني. لذلك بقي التشريع في ظل هذا الحكم قاعدة مساندة لضمان مصالح هذه الطبقات المشاركة في الحكم من جهة والدفاع عما يسمى بالحكم الوطني من جهة أخرى. فكانت قوانين التجارة مطلقة تخضع لها جميع الأعمال التجارية لتكفل للتجارة حرية واسعة للحصول على الأرباح الهائلة على حساب الشعب باسم حرية التجارة وربط تعاملها بالشركات الاحتكارية الأجنبية(26).

ومن خلال هذه القوانين والتشريعات خلق الاحتلال البريطاني طبقات تسانده بصورة مباشرة أو غير مباشرة حتى صدر بيان تحديد وتسجيل الأراضي لسنة 1920 من أجل خلق طبقة اجتماعية جديدة من الإقطاعيين والشيوخ.

إضافة إلى ذلك صدرت عدة بيانات أخرى تتضمن السيطرة على الأراضي وتتدخل في البيوع كقانون البيوع لسنة 1922، وقانون مراقبة أمور الري والسدود لسنة 1923، وقانون التسوية وقانون حقوق وواجبات الزراع لسنة 1933 الذي جعل الفلاح قناً مربوطاً بالأرض.

ومن يلاحظ هذه القوانين يرَ أن تشريعها يستهدف حماية الحكم ومصالح الحكام والطبقات التي تساندهم وتضمن السيطرة على المستغِلين (بكسر الغين)(27). وللقارئ الكريم أمثلة من قوانين تلك المرحلة.

1 – القانون المدني العراقي

في سنة 1933 تشكلت لجنة لوضع مشروع للقانون المدني العراقي، أعقبتها لجنة أخرى ثانية سنة 1936، ثم لجنة ثالثة سنة 1943، واستندت هذه اللجان في وضع مشروعها إلى (مجلة الأحكام العدلية) الصادرة سنة 1876 ووضع الأسس والقواعد اللازمة لذلك المشروع حيث اعتبرت الفقه الإسلامي كلاً لا يتجزأ وأخذت الأحكام من المذاهب الإسلامية كلها، إضافة إلى الاستعانة بأحكام القوانين الغربية ما دامت لا تصطدم مع روح الفقه الإسلامي والقوانين المدنية العراقية(28).

ومما جاء في الأسباب الموجبة للقانون المدني العراقي (وقد أخذت الأحكام الواردة في هذا المشروع من المشروع المصري وفي جملته صفوة مختارة من القواعد التي استقرت في أرقى التقنينات)(29).

ومن يلاحظ القانون المدني العراقي يستنتج بصورة عامة أنه جاء لخدمة الطبقات المالكة ومصالح الطبقات الحاكمة من الاقطاع والرأسمالية في ذلك الوقت. حيث سيطرت عليه النزعة الفردية المطلقة كما نجد ذلك في تنظيم حق الملكية الذي يتضمن سلطة مباشرة على شيء معين يعطيها القانون تشخيصاً معيناً جاء ذلك في المادة (67) منه وعززت المادة (1048) هذا الحق حيث أشارت إلى أن الملك التام من شأنه أن يتصرف فيه المالك تصرفاً مطلقاً في ما يملكه وهذا المضمون والتصرف التام وارد في القوانين الغربية الرأسمالية للملكية، كما يشير إليها القانون المدني الفرنسي لسنة 1804 (قانون نابليون) بقوله (بأنها حق مطلق). وهذا ما جاء في القانون الألماني لسنة 1896.

ومما يؤسف له أن القانون المدني العراقي لا يختلف عن القانون المدني المصري الذي يسعى لتشكيل طبقة اجتماعية من الاقطاع والرأسمالية كما تشير إليه بعض المواد القانونية. فقد أشارت الفقرة (10) من المادة (115) إلى (إذا ردم عراقي جزءاً من البحر بإذن الحكومة مَلَك الجزء المردوم). وإذا كوَّن الطمى أرضاً جديدة كان للمجاورين لها حق أخذها ببدل المثل كما أشارت إليه المادة (1113) من القانون المدني. وإذا انكشف البحر والبحيرات أو الأنهر عن أرض تقرر للمجاورين حق أخذها ببدل المثل كما أشارت إليه المادة (1115) منه.

وإذا اتخذ النهر مجرى جديداً تاركاً مجراه القديم كان لأصحاب العقارات المجاورة حق أخذ هذا المجرى القديم ببدل المثل كما تشير إليه المادة (1116) منه.

وللشريك والخليط والجار حق تملك العقار المبيع بالشفعة ولو جبراً للمشتري. ويهتم القانون المدني العراقي بالشفعة اهتماماً بالغاً وهي مظهر من مظاهر الاقطاع، بحيث تخصص لها عشر فقرات من المواد (1128 – 1144) باعتبارها طريقة فعالة لتضخيم الملكيات الاقطاعية والقضاء على الملكيات الصغيرة.

الصفحات