أنت هنا

قراءة كتاب القانون ابن الحياة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القانون ابن الحياة

القانون ابن الحياة

كتاب " القانون ابن الحياة " ، تأليف د.عبد الجبار الجبوري ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 5

1 – الوضع التشريعي في القطر المصري

كان القطر المصري في ذلك المناخ التشريعي السياسي والاقتصادي يطبق الشريعة الإسلامية منذ فتحها من قبل الاستعمار الغربي إلى عصر محمد علي باشا.

ثم استعير لها (قانون نابليون) نفسه وسمي بعد ذلك بـ (القانون المختلط) الذي وضع من قبل أحد المحامين الفرنسيين بأمر رئيس الوزراء في ذلك الوقت(22). علماً بأن القطر المصري لم يمتد إليه الفقه الإسلامي المقنن (مجلة الأحكام العدلية) وإنما بقي يطبق الفقه الإسلامي غير المقنن.

غير أن القطر المصري في عهد محمد علي باشا استقل تشريعياً عن التشريعات العثمانية (مجلة الأحكام العدلية) وصدرت عدة تشريعات مالية وإدارية وجنائية ترجع إلى سنة 1830 ميلادية، وأهم هذه التشريعات (قانون الفلاح الخاص بالحياة الريفية والزراعية).

ثم تعددت التشريعات والقوانين وانتهى الأمر إلى توحيدها في قانون واحد اسمه (قانون المنتجات). وفي العام 1858 صدر أول تشريع خاص بالملكية العقارية. وفي 6 كانون الثاني سنة 1880 صدر الأمر العالي المتضمن الحقوق التي اكتسبها كدفع (الإتاوة) من أصحاب الأراضي الخراجية.

ولما صدر التقنين المدني الوطني الأول سنة 1883 اعتبر حق هؤلاء في حكم المال التام. وفي ظل هذا التقنين المدني تركت الشريعة الإسلامية اقتفاء لأثر القانون المدني المختلط الذي وضع سنة 1875 ويستمد هذان القانونان، القانون المدني الأهلي المصري لسنة 1883 والقانون المدني المختلط لسنة 1875، أحكامهما من القانون المدني الفرنسي المعروف بقانون نابليون(23). وكان المذهب الفردي يسيطر على هذه القوانين.

إذا كانت حركة التشريع في القطر المصري التي عاصرت إنشاء المحاكم المختلطة سنة 1875 تمثل سيطرة الرأسمالية الأجنبية على التقنين، فإن حركة التشريع التي صاحبت إلغاء المحاكم المختلطة سنة 1949 تمثل حركة التشريع التي تعبّر عن حلول الرأسمالية الوطنية محل الرأسمالية الأجنبية، وبعد هذه الصراعات التشريعية في ظل الظروف المختلفة ولد القانون المصري الحالي رقم 131 لسنة 1948 وهو قانون أجنبي المضمون والأصول، مقتبس من قانون نابليون ويتصف بالطابع الرأسمالي الغربي وهو ما زال متمسكاً بأفكار المذهب الفردي ويعكس فلسفة ليبرالية من وجهة نظر ملاك الأرض الزراعية ونفوذ الاقطاع ويشجع على تكوين الملكيات الكبيرة.

ويرى البعض من مفكري القانون في مصر أن هذا القانون الجديد لا يعبّر عن أوضاع مصر الاجتماعية والاقتصادية السائدة فيها، وإنما يعبّر عن المصالح الغربية التي تنظم العلاقات البرجوازية المنقولة من الغرب.

ومن يلاحظ القانون المصري بدقة ومن حيث الجوهر يرَ أنه لم يأخذ بالشريعة الإسلامية بشكل تام وإنما أخذ بأحكام قليلة منها كحقوق الارتفاق وبعض الخيارات في البيع، أما جوهره فهو مقتبس من قانون نابليون(24).

وقانون نابليون، كما يعرف رجال الفقه والتشريع، جاء لتنظيم العلاقات البرجوازية والاقطاعية في ذلك الوقت، كجعل الملكية حقاً مطلقاً، والعقد شريعة المتعاقدين، ولا مسؤولية بدون خطأ. وهذه القواعد تعكس مصالح برجوازية القرن التاسع عشر التي جعلها نابليون ركيزة لنفوذه فأعلن أنه حامي حمى الملكية.

وإلى جانب التقنين والتشريعات التي صدرت علينا أن نعرف دور (الفقه) المصري وقدرته على التأثير في عملية التشريع في مصر. إن الأصول التاريخية للفقه المصري لا تختلف عن أصول التقنين والتشريعات الأخرى من حيث مصادرها وجوهرها، فهو كغيره يرتكز على الفلسفة الليبرالية التي تدعو إلى الحريات الديمقراطية البرجوازية التي ورثتها من الثورة الفرنسية كالذود عن حرية التملك والرأي والتعبير وحرية العبادة وفصل السلطات واستقلال القضاء وسيادة الأمة باعتبارها مصدر السلطات ومبدأ المشروعية وسيادة القانون.

وامتازت الفترة (الفقهية) في مصر، إن صح التعبير، برفض الفقه المصري للاجتهاد والاكتفاء بالاقتباس والتأثر بالثقافة الفرنسية التي ولدت (مدرسة الشروح على المتون) مقتفية سيرة المدرسة الفرنسية التي تهدف إلى خدمة الأغراض الرأسمالية. وفي هذه المرحلة الفقهية المصرية ظهر الدكتور العلامة عبد الرزاق السنهوري بكتابه المشهور (نظرية العقد) سنة 1934 الذي يعبر عن المصالح الرأسمالية المصرية في ذلك الوقت وامتد أثر هذا التشريع إلى الأقطار العربية الأخرى ومنها العراق. وأصبح هذا الكتاب المشروع الأصلي لعملية التقنين لسنة 1949 ثم أصبح المصدر الرئيس للقوانين العربية الأخرى كالقطر السوري والليبي والعراقي وأصبح الأساس للدراسات الفقهية المقاربة في الشريعة الإسلامية والتشريعات الأخرى.

الصفحات