أنت هنا

قراءة كتاب الزحف المقدس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الزحف المقدس

الزحف المقدس

كتاب "الزحف المقدس - مظاهرات التنحّي، وتشكّل عبادة ناصر"؛ يقول الكاتب والباحث شريف يونس، في مقدمة كتابه:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 1

مقدّمة الطبعة الثانية

تغيّرت مصر كثيرًا منذ عام 2005. ظهرت حركة «كفاية» التي تشكّلت في أواخر 2004 على السطح بقوّة، وتسارع النشاط السياسي المعارض لنظام دولة يوليو في عهد مبارك، من حركة استقلال القضاء المشهودة التي تَصوّر النظام أنّه نجح في التغلّب عليها في 2008، إلى ظهور حركة الطبقة العاملة ونموّها التي اصطدم بها النظام بعنف في المحلة في العام نفسه دون أن ينجح في وقف موجة الإضرابات، وظهور عديد من الحركات المطلبية المتنوِّعة التي تظاهرت في كلّ مكان، وقطعت الطرق أحيانًا بسبب إهمال شديد أو تعدٍّ أساسي، وظهور كثير من التجمّعات الناجحة التي أخذت تواجه الترِكة الثقيلة للنظام، مثل حركة «مصريّون ضدّ التمييز الديني»، وتزايد فعّال في نشاط جمعيّات حقوق الإنسان فيما يتعلّق بالتعذيب، ونموّ حركات الألتراس واصطدامها المتزايد بشرطة مبارك، وتزايد جرأة الصحافة والإعلام في نقد سياسة النظام الداخلية والخارجية، فضلًا عن العديد من التجمّعات الشبابية الفنية والأدبية التي أخذت تنشط خارج نطاق الأفكار والمعايير الموروثة لدى النظام ومعارضته على حدٍّ سواء.
لكنّ الأزمة الاجتماعية المتزايدة أخذت تظهر في الأفق قبل ذلك، نوع من «روح» ساخطة، ربّما كان من أعمق تجليّاتها اختفاء روح النكتة التي اشتُهر بها الشعب المصري وتراجعها، وتزايد نقد النظام في معظم الأوساط، حتّى تلك القريبة من الأوساط الحاكمة.
ربّما كان هذا الشعور بالأزمة هو ما أوحى لي وقت ظهور الطبعة الأولى في يناير 2005 (عن دار ميريت) إلى كتابة هذه الفقرة في نهاية الخاتمة:
«يصعب أن يرى الكاتب، أيّ كاتب، أبعد من لحظته التاريخية؛ فالتاريخ كما قال ماركس «يخيّم فوق رءوس الأحياء كالكابوس»، لا فكاك منه. فهل تعكس بدايات التحرّر الملموسة في كلّ مكان من أسْر قضايا الماضي ومناقشاته بداية شيء مختلف؟ «إنّ بومة منيرفا لا تحلّق إلّا عند الغسق»، هكذا قال هيجل... فهل هو غسق نظام 23 يوليو؟»
كان ثمّة شيء يحوم في الهواء... أخذ ينفجّر وسط حالة من اليأس العامّ من كلّ شيء، انفجر في النهاية في ثورة 25 يناير على غير توقّع من أحد، بمن في ذلك المبادرون بالدعوة للتظاهر والمشاركون أنفسهم ضدَّ الشرطة في عيدها.
لكنّ هذه الفقرة الختامية لم تكن تتنبّأ بشيء محدّد. كانت، فقط، تنطلق من أنّ نظام يوليو قد فقد زخمه من أمد بعيد، واستنفذ ما فوق إمكاناته التاريخية بكثير. بدا نظامًا بلا مستقبل، لكن كيف سينتهي؟
* * *
أجريتُ تعديلات في هذه الطبعة، بصفة خاصّة في الفصلين الأول والرابع. السبب في ذلك أنّي واصلت العمل على الناصرية لسنوات بعد ظهور الكتاب، فبلورت مفاهيم كانت موجودة في الطبعة الأولى وطوّرتها بشكل أكثر دقّة، وهي المفاهيم التي تتعلّق بطبيعة الإيديولوجيا الناصرية ونظام حكمها ككل.
يكمن التغيّر الأساسي في تحديد أدقّ لطبيعة إعادة تأسيس النظام في أزمة مارس 1954، فيما أسميته هنا «الوصاية الشعبية». كما حدّدت بشكل أدقّ في الفصل الرابع طبيعة الزعامة بوصفها نظامًا للحكم. لكن الفكرة الأساسية في الكتاب تظلّ كما هي، أي تفسير طبيعة المظاهرات التي تمسّكت ببقاء عبد الناصر في السلطة بعد الهزيمة الساحقة في 1967 ببنية النظام نفسه وإيديولوجيته، وما نتج عنها من إفقار سياسي ذي طبيعة خاصّة، ومَحْوَرَةٍ للبلاد عامّة حول فرد، بفعل طبيعة النظام نفسه وآليّات عمله.
أمّا الفصول الأخرى فظلّت تقريبًا كما هي، باستثناء تعديلات أسلوبية أو شروح أو إضافات قليلة هنا وهناك، فضلًا عن التخلّص من عدد لا بأس به من الأخطاء المطبعيّة.
* * *
في هذا العهد السياسي الجديد، آمل أن تُسهم هذه الطبعة في طرح تساؤلات جديدة عن نظام يوليو الذي يظلّ يطلّ علينا من داخل بنية الدولة ويحتفظ بجانب كبير من خطابه القائم على الهُويّة والتخوين والبحث عن وحدة ثقافية متخيّلة للأمّة، ما زالت قائمة بوجه مختلف عند القوى الحاكمة الجديدة التي تقتسم السلطة مع النظام القديم وتعمل على تكييفه لخطاب مختلف جزئيًّا، لكن في ظروف انكشاف متزايد بفعل زخم الثورة والمطلب الديمقراطي.

الصفحات