أنت هنا

قراءة كتاب البناء الاجتماعي للمهدية في السودان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البناء الاجتماعي للمهدية في السودان

البناء الاجتماعي للمهدية في السودان

كتاب " البناء الإجتماعي للمهدية في السودان " ، تأليف د. هدى مكاوي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2007 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 5

3 - الكرامـــة :

هى الأمر الخارق لما تعود عليه البشر أن يجدوه مقبولاُ ومطابقاً لقوانين ونظم الطبيعة والحياة ، غير أن هذا الأمر الخارق لما تعود عليه البشر لا يقرن بدعوى النبوة ولا إيماء لها ولا بسحر دجال ، وإنما يخص الله أولياءه العارفين بها ، وهو القادر الفعال لما يريد (25) .

وقد قسمها ابن عربى فى الفتوحات المكية .. فقسمها إلى قسمين ، كرامات حسيه وهى كرامات العامة مثل المشى على الماء وعلى الأرض والإطلاع على الكوامن والأخبار بالماضى والحاضر والمستقبل . أما الكرامات المعنوية ، فهى كرامات الخاصة من عباد الله وهى كرامة العمل بشريعة القرآن والتمسك بها (26) .

ويستند الصوفية فى اعتقادهم بالكرامة إلى القرآن :﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ( (27، ويذكرون أن مريم لم تكن نبيه ، وقوله تعالى : ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ (28 ، وكذلك ما ورد فى السنـة حديث النبى (صلى الله عليه وسلم) فى قصة جريج الراهب، وحديث النبى (صلى الله عليه وسلم)" أن فى أمتى مكلمين ومحدثين ".

وتختلف الكرامة عن المعجزة التى إختص بها الأنبياء فقط وترتبط بتحدى هؤلاء الرسل للأمم ، أما الكرامة فلا ترتبط بأى نوع من التحدى ، وإنما أختص بها عبد من عباد الله الصالحين بحب الله له ورضاه وقبوله له .

والكرامة كالمعجزة تدل على كمال قدرة الله وأن وقوع كرامات الأولياء هو فى الحقيقة إكرام للأنبياء فى إتباعهم وأن كرامات الأولياء هى البشرى التى جعلها الله لهم فى الدنيا لتدل على ولايتهم وحسن عاقبتهم (29) .

وقد أنكر الفلاسفة كرامات الأولياء كما أنكرها المعتزلة بدعوى التباسها بالمعجزة، وللكرامة شروط (30) :

1 - أن تكون الحادثة ممكنة الحدوث أى لا تناقض قوانين العقل والمنطق ، ولكنها قد تناقض السنن والقوانين الطبيعية .

2 - أن تتفق مع قواعد الشرع .

وقد ذكر إبن تيميه أن لبعض الناس كرامات ، وأن بعضهم يجرى الله على يديه خوارق العادات ، وهذا لا يقتضى أنهم أناس معصومون من الخطأ (31) .

ومن أولياء الله الصالحين أصحاب الكرامات ، المتصوفة فكل صوفى اشتهر أمره وبرز فى عصره يصاحب تميزه سلسلة من الكرامات وخوارق اتخذت معياراً لقربه من الله ، وقد بلغت كرامات الأولياء فى السودان إلى حد درجة إحياء الموتى والطيران فى الهواء وقد ساعدت هذه الكرامات على انتشار الطرق الصوفية بالسودان منها الطريقة الختمية لما عرف عن مؤسيسها من كرامات ، وترتبط تلك الكرامات بشخصية صاحبها وقدرته على القيــام بأشيــاء خارجــة عـن طاقـة البشـر فترفع تلك الكرامات مكانة من نسبت إليه ، وكلما زادت كرامات الشخص زاد حب الناس إليه (32) .

وهناك كرامات لمطالب دنيوية ، فعلى حـد قول القشيرى أن كرامات المتصوفة فى السودان قد تكون إجابـة لدعوة ، وقد تكون إظهار طعام فى غير أوانه دون سبب ظاهر أو حصول ماء فى زمن عطش ، أو تسهيل قطع مسافة فى مدة قصيرة أو تخليص من عدو .. وغير ذلك من الأفعال المناقضة للعادة (33). ومن هنا نجد أن هذه الكرامات ترمــز إلى معانى نفسية واجتماعية متصلة بحياة الفرد والمجتمع (34) .

الصفحات