كتاب " البناء الإجتماعي للمهدية في السودان " ، تأليف د. هدى مكاوي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2007 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب البناء الاجتماعي للمهدية في السودان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
البناء الاجتماعي للمهدية في السودان
وتتشابه الإمامة فى المهدية مع الإمامة عند الشيعة " الإثنى عشرية " حيث تقوم المهدية على ثلاث أسس ، وهى فكرة المهدى المنتظر المخلص الذى انتظره المسلمون ليعود بالإسلام إلى نقائه ، ويخلصهم من المفاسد ، ويملأ الأرض عدلاً ، والعدل هو الإسلام الخالص الذى تتبعه عدالة الحكم والمجتمع ، والمهدية دورة كونية تأتى بعد الرسالة عندما يفسد المعتقد بتقادم الزمن ، ويهبط المسلمون إلى درك سحيق وبالتالى فالمهدى إذا جاء وجب على الجميع إتباعه وأن يعملوا بعمله حتى يستقيم الإسلام ، ويعتبر الإمام المهدى الخارجين على طاعته من الكفار لأنهم يعترضون على مشيئة كونيه ، وهو يملك كامل المرجعية الدينية والدنيوية ، لأنه تم تنصيبه على يد الرسول ، وفى مشهد من الخلفاء والأولياء وفى حضرة نبوية ، وهو فى حالة يقظة (54) .
8 - المهديــة :
المهدى فى اللغة هو اسم مفعول من هدى هداه الله إلى الإيمان ، والهداية ضد الضلال(55) .
وفكرة المهدى المنتظر هى فكرة قديمة ظهرت فى المجتمعات اليهودية والمسيحية والإسلامية ، فيعتقد اليهود أن هناك مخلص ومنقذ سينقذهم ويضعهم فى المكانة التى أرادوها وأطلقوا على هذا المنقذ : المسيح المنتظر , ووصفوه أنه رسول السماء والقائد الذى سينال الشعب المختار بهديه وإرشاده ما يستحقه من سيادة وسؤدد . وهو ليس إنسان عادى وإنما إنسان سماوى يبقى فى السماء حتى تحين ساعة إرساله , ويرسله الله فى صورة إنسان , ويمنحه الله قوته ويحمل لقب ابن الإنسان (56) . وتتعمق هذه الفكرة عند اليهود كلما حلت بهم البلايا والمحن , وقد ظهر أشخاص يهود ادعى كل منهم أنه المهدى المنتظر مثل " شيرين " فى القرن الثامن الميلادى بإيران , " أبو عيسى " فى أصفهان فى عهد الخليـفة العباسى , "سيناى زيفى " فى مدينة سالونكا فى القرن الـ 17 الميلادى , وقد أدعى الأخير أنه سيعيداليهود لفلسطين ، فألقى السلطان العثمانى القبض عليه . ولا يزال اليهود ينتظرون عودة المسيح المنتظر (57) .
أما المسيحيون فيعتقدون أن المسيح الإله أنقلب إنساناً وعاش بين الناس كواحد منهم ليعلمهم طريقة مثلى للعيش , وأنه قتل بيد اليهود ودفن ثم خرج من قبره وصعد للسماء , وفى اعتقادهم أن المسيح له شخصيتان ... اللاهوت والثابوت أى الإلهية والإنسانية , ويرجع إطلاق كلمة المنقذ والمخلص على سيدنا " عيسى " إلى شاول , بولس (58) , ثم تعددت الأناجيل وحدثت انقسامات حول طبيعة المسيح فى العالم المسيحى عامة (59) .
أما فكرة المهدى المنتظر عند المسلمين فقد ظهرت فى التاريخ الإسلامى منذ وقت مبكر وتستند إلى بعض الأحاديث التى رويت عن الرسول عليه السلام , وبعض التأويلات لبعض الآيات القرآنية , إلا أنه لم يرد لفظ المهـدى فى القرآن ولا فى صحيح البخارى ومسلم , وإنما ورد فى كتـب الحديث الأقــل تشـدداً مثل أبى داوود , ابن ماجه , النسائى , الترمذى (60) .
وتشتد فكرة المهدى المنتظر كلما عم الفساد والظلم حيث كانت دائماً شعار المستضعفين والمغلوبين على أمرهم , كما استغلها البعض ممن استهواهم حب الظهور ، إما لغرض سياسى أو لغرض دينوى , أو بهدف محاربة الظلم والاستبداد(61) . ومن هؤلاء " محمد تمبكت " , " محمد عبد الله المهدي" مؤسس المجتمع المهدوى " الأنصارى " الذى نحن بصدد دراسته .
ويمكننا تناول فكرة المهدى المنتظر عند الجماعات الإسلامية المختلفة :
( أ ) المهدية عند الشيعة : ويعد الشيعة أنصار على من أسبق الفرق الإسلامية التى تعلقت بفكرة المهدى المنتظر والعمل بها وقد استمرت محاولاتهم لفترة طويلة وتركت آثاراً عميقة على الفكرة نفسها , وتعد الأمامية من الفرق التى نادت بها وقد اعتقدوا فى مهدية " محمد بن الحسن العسكرى " الإمام الحادى عشر للشيعة الذى اختفى فى السرداب وعمره خمس سنوات بمدينة سامراء بالعراق وأنه لا يزال حياً , وسوف يظهر آخر الزمان ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً (62). ويزعم الإمامية أنهم على اتصال بالإمام الغائب عن طريق نواب عينهم هو لهذا الغرض , والنواب هم" عثمان بن سعيد العمرى ", إبنه " محمد بن عثمان " , " حسين بن روح " , على بن محمد السيمرى " , ولقب هؤلاء الأربعة بالنواب الخاصين , وأطلق الأمامية على هذه الفترة - الغيبة الصغرى - , وفى عام 329 هـ قبيل وفاة " على بن محمد السيمرى " بعدة أشهر , زعم أنه وصلت إليه رقعة من الإمام المهدى ذكر فيها : " لقد وقعت الغيبة الكبرى " ومنذ ذلك الحين انقطع اتصال الشيعة بالإمام , وأصبحوا يكذبون كل من ادعى أنه المهدى المنتظر أو الإمام بنص ذلك الخطاب الوارد منه .
• كذلك القرامطة يرون أن " محمـد بن إسماعيل بن جعفر " هو المهدى المنتظر , ويترقبون عودته ويزعمون أنه حى يرزق ببلاد الروم .
• أيضاً اليذيدية أحـد فرق الخوارج يدعون أن مؤسس هذه الفرقة " يزيد بن أنيسة " هو المهدى المنتظر .