كتاب " الأسطورة والحقيقة في التاريخ العربي الحديث " ، تأليف د. ذوقان قرقوط ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2005 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الأسطورة والحقيقة في التاريخ العربي الحديث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الأسطورة والحقيقة في التاريخ العربي الحديث
الفصل الثالث : هل كانت بريطانيا تريد أكثر من هذا ؟
خديعـة محمـد على
«إذا أردت أن تصنع أمورًا عظيمة فيجب أن تبقى وسط الرجال لا أن تقف على هاماتهم» .
« مونتسكيو »
محمد على يظهر على حقيقته
المالك الوحيد ، والحاكم المطلق ، والتاجر الوحيد
بالقضاء على خطر الإنجليز فى رشيد ، وعلى إمكان عودة الألفى إلى الحكم الذى لم يكن لمحمد على دور فيه ، ثم بالقضاء على رؤوس المماليك فى « مذبحة القلعة » الشهيرة الذين لم يعد الشعب يأسف عليهم لفشلهم فى مواجهة الفرنسيين .. خلا لمحمد على المجال لمواجهة المشايخ الذين اختاروه للحكم وساعدوه على خصومه وتوسطوا لتثبيته . فأثبت بذلك أنه كان واعيًا للدرس الماكيافيلي . إذ قال لوزيره أرتين الذى كان يترجم له الأمير بمعدل عشر صفحات فى اليوم، بعد اليوم الثالث : « إنى أرى بوضوح أنه ليس لدى ماكيافيلى ما يمكننى أن أتعلم منه ، فأنا أعرف من الحيل فوق ما يعرف . فلا داعى للاستمرار فى ترجمته »(59) ، وهكذا لم يبق أمامه لإكمال خطته إلا تأليب المشايخ بعضهم على بعض ، وتشتيت شملهم فتمكن من استضعاف زعيمهم السيد عمر مكرم ونفيه إلى دمياط فقضى على بدايات المشاركة الشعبية فى الحكم وعلى إمكانية التطور الحقيقى .
وتمشيًا مع انفراده بالسلطة فرض نفسه كمالك فعلى وحيد للبلاد ، وكسيد لمصائرها الحيوية. ففى سنة 1808 ، أى بعد ثلاث سنوات فقط من حكمه أصبح مالكًا لجميع أراضى القطر المصرى. وفى عام 1840 فى آخر أيام حكم الباشا قدرت المساحة المزروعة بـ 906000 ،3 فدان وهو ما يسمح بالقول إن نصيب الفرد الواحدمن الأهالى كان يمكن أن يكون لو وزعت الأراضى كلها قريبًا من فدان طيلة عهد محمد على ( 0.99% )(60) . وقد برر المدافعون عن امتلاك محمد على للأرض على هذا النحو تارة بأن تنفيذ مشاريع الرى المختلفة تقضى أن تكون للدولة السيطرة المطلقة على الأراضى الزراعية، وبالتالى على القائمين بفلاحتها حتى تضمن الموارد المالية الكفيلة بتنظيم عملية الرى وصيانة الجسور والترع(61) .. وتارة أخرى بأن نظام احتكار الأرض معروف فى سائر أنحاء الممالك العثمانية ومعمول به .. أو أحيانًا بأن هذا النظام .. نظام الاحتكار قديم متلائم مع طبيعة الناس من أيام الفراعنة . ألم يعهد إلى يوسف ( عليه السلام ) بعد أن قام بتأويل الرؤيا لفرعون بجمع حاصلات مصر واختزانها لتوزع فى سنى القحط والمجاعة على الأهالى(62) . إلا أن هذه الحقيقة الواقعة لا تنطبق على مجريات الأمور فى عهد الباشا . فإنه لم يحتكر احتراسًا لأيام العسر ، حتى فرعون كان أرحم منه . فالمؤرخون يجمعون على تقدير مقام سيزوستريس بين الشعب فى مصر والإشادة بذكره وتمجيده لأنه خول رعيته حق الملكية .