أنت هنا

قراءة كتاب قضايا اقتصادية معاصرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قضايا اقتصادية معاصرة

قضايا اقتصادية معاصرة

كتاب " قضايا اقتصادية معاصرة" ، تأليف د. فاطمة الزهراء - رقايقية ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 2

1-المنظور الإسلامي منطلق لترشيد الرأسمالية العالمية

تكتظ الساحة الفكرية بتفسيرات عديدة للازمة الحالية ولوسيلة الخروج منها، ولعل الأكثرها سطحية القائلة بأن المشكلات تكمن في غياب الرقابة الكافية على القطاع المالي، لكن مشكلة ذلك التفسير أنه يخلط بين النتيجة والسبب، على اعتبار، أن سياسة البنك المركزي الأمريكي خلال العقد الماضي، وخاصة بعد أزمة 2001، كانت في جوهرها محاولة خلق سيولة مالية، من خلال تخفيض سعر الفائدة، وضخ الأموال وتوسيع دائرة الاقتراض لإنقاذ الاستهلاك الأمريكي من الانكماش مما نتج عنه تجاوز البنوك والشركات المالية للضوابط الرقابية.

إلا أن هناك تفسير آخر وفقا لرؤية إسلامية من خلال تطبيق النظام الإسلامي البعيد عن سعر الفائدة "ألربوي"، والقائم على معدل الربح كأداة فعالة لإدارة النشاط الاقتصادي المعاصر، والذي يستند إلى القيام باستثمار حقيقي لتوسيع القاعدة الإنتاجية، وليس على أساس استثمار مالي قوامه المضاربات، أو المقامرة أو الاستغلال أو الفساد...."

فقد كانت الربا" قديما، ولا تزال "الفائدة" في العصر الرأسمالي الحديث، كارثة للبشرية، باعتبارها جزء لا يتجزأ من النظام الرأسمالي القائم على الربح.

وخلال العقود الثلاث الماضية سيطرت أفكار الليبرالية الجديدة، على السياسات الاقتصادية لغالبية دول العالم من خلال تخلي الدولة عن الدور المركزي في الاقتصاد وفسح المجال أمام حركة رأس المال المالي والإنتاجي ولقد كانت محصلة تطبيق السياسات الليبرالية الجديدة لاقتصاديات العالم الثالث خلال حقبة الثمانينات والتسعينات، تركيز غير مسبوق لرأس المال والثروة في أيدي قلة من رجال الأعمال المحليين في شراكة مع الشركات متعددة الجنسيات لقاء الإفقار الشديد للغالبية العظمى من العمال والفلاحين، ومع زيادة الاندماج في السوق العالمية واستفحال الاعتماد على الاستثمار والتمويل الأجنبي والتصدير أصبحت تلك الاقتصاديات معرضة لهزات عنيفة، كلما تقلب أو تأزم النظام الرأسمالي العالمي، استشهادا بما تعرضت له اقتصاديات جنوب شرق آسيا خلال (1997- 1998) وسرعان ما انتقلت العدوى إلى بقية الدول.

ولقد أحدثت تلك الأزمة أول الشروخ في مدرسة الليبرالية الجديدة،، بالدعوة إلى درجة أكبر من تدخل الدولة والرقابة على أسواق المال أي إلى "ترشيد" الرأسمالية وجعلها أقل عرضة لتلك الهزات العنيفة.

كما جاء الشرخ الأكبر في منظومة الليبرالية الجديدة وهيمنتها مع الأزمة العالمية الحالية، ورد فعل كبرى الحكومات الرأسمالية تجاهها، فعمق واستفحال الأزمة قد أظهر أن هناك خللا خطيرا في قلب النظام الرأسمالي، ولقد كان رد فعل الحكومات للأزمة بتأميم البنوك الكبرى، والتدخل واسع النطاق في أسواق المال، أكبر اعتراف بفشل سياسات السوق الحر، فهناك شرخا عميًقا يصعب ترميمه في جدران الرأسمالية العالمية، وفي هيمنة منظومتها الفكرية والدعائية. فالفراغ الفكري الذي أحدثه أزمة الليبرالية الجديدة ملأت الساحة سريعا بالأفكار الإصلاحية الداعية إلى "ترشيد" الرأسمالية وخلق توازن جديد بين دور الدولة ودور السوق والذي يقوم على مضمون إسلامي، على اعتبار أن مضمون فقه المعاملات أظهر أن ضوابط النظام الاقتصادي الإسلامي مطلبا ناجعا وواقيا من حدوث الأزمات الاقتصادية خاصة وأن استبعاد الربا في مختلف المعاملات سبيل لإصلاح المنظومة المالية والمصرفية العالمية (1).

كما أن هذه الأزمة تمثل فرصة ذهبية للقطاع المالي الإسلامي، خاصة في ظل دخول سوق الإقراض العالمية في حقبة جديدة على اعتبار ”أن المنتجات المالية الإسلامية تتجنب تماما المضاربات وهو ما يبحث عنه المستثمرين في الفترة الحالية خاصة بعد تراجع البورصات العالمية في أعقاب الأزمة الائتمانية“ وان ”العاملين في القطاع المالي الإسلامي يساهمون في تأكيد الثقة بقوة واستدامة النموذج المالي الإسلامي حتى أن البعض يلمح إلى أن المنتجات الإسلامية تعتبر ملاذا آمنا خلال الأوقات الصعبة التي تشهدها أسواق المال.

الصفحات