أنت هنا

قراءة كتاب قضايا اقتصادية معاصرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قضايا اقتصادية معاصرة

قضايا اقتصادية معاصرة

كتاب " قضايا اقتصادية معاصرة" ، تأليف د. فاطمة الزهراء - رقايقية ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 6

5- الصناعة المالية الإسلامية آلية للتحوط وبديلا عن الأدوات المالية الوضعية

انصرف الاهتمام في العقود الثلاثة الماضية وبجدية عجيبة إلى استحداث سيل من المنتجات التي تحتمل الغرض التحوطي وتسّوق تحت شعاره، لكنها واقعيا متجهة للغرض ألمضاربي، وذلك عبر تصنيع الغرر والمقامرة والربا في توليفات جديدة وأجيال مستحدثة من منتجات مالية مزعومة لا تعدو أن تكون تشقيقات جديدة للثالوث القديم- الربا والميسر والغرر- بأسماء جديدة- بيوع خيارات وعقود مستقبليات-.

ولذلك فقد بني النظام المالي المعاصر على عقيدة فاسدة ماليا قبل أن تكون فاسدة شرعيا من خلال السعي إلى فك الارتباط بين مغانم الاستثمار ومغارمه (مخاطرته)، وسماحها بنقل هذه المخاطرة إلى الغير عبر صنوف المشتقات، ونظرا إلى أن صناعة الصيرفة الإسلامية تعمل في نفس المحيط والظروف التي تعمل بها الصيرفة التقليدية، وتتعرض لنفس المخاطر التي تتعرض لها من حيث تقلب أسعار الفائدة وأسعار الصرف، فإن عدم وجود أدوات مشتقات مالية مناسبة لها سيؤدي إلى تعرض المؤسسات المالية الإسلامية إلى هذه المخاطر، مما سيدفع بها إلى تجنب الدخول في المعاملات المالية، التي تشتمل على هذه المخاطر، وبالتالي تقليص دور المؤسسات المالية الإسلامية الاقتصادية، كما انه سيقلل من كفاءة إدارتها لأصولها وخصومها ويرفع من تكلفتها المالية، لذا وجب النظر في البدائل الشرعية الممكنة لتلك الأدوات، من خلال ابتكار الحلول المالية وتنميطها في منتجات تحقق الأغراض المالية مع السلامة الشرعية،

ليبرز بذلك أهمية استبدال اسم المشتقات الإسلامية بـ '' بآليات التحوط الإسلامي"- وذلك من خلال خطوات تبدأ بدراسة العقود التقليدية المستخدمة في التحوط كالعقود الآجلة والمستقبليات والخيارات والمقايضات. ثم وضع بدائل إسلامية لتلك العقود مبنية على عقود السلم وخيارات الرضي أو استحداث عقود جديدة لتحقيق غرض التحوط وإدارة المخاطر. وتأتي بعد ذلك مرحلة وضع التنظيمات والترتيبات اللازمة لتحقيق الضوابط الإسلامية في المعاملات، ووضع نماذج رياضية ديناميكية لتقييم وتسعير تلك المنتجات، ثمً استكتاب متخصصين في المشتقات والاستعانة بمؤسسات مالية متخصصة كوكالات التصنيف الائتماني في وضع أسس تقييم وتسعير تلك المنتجات.

فمثلا يتم استخدام عقد العربون محل خيار الشراء أو عقد السلم للتحوط من تقلب سعر السلع وبعض الأوراق المالية، كما يتم استخدام الوعد الملزم بالبيع أو الشراء للتحوط من تقلب سعر الصرف، ومن جهة أخرى يمكن القيام بمبادلة عملتين مختلفتين عن طريق إجراء عقدي مرابحة متقابلين ينتهيان بالتوريق،(titrisation)) (20).

فمثلا بنك لديه ثلاثون مليون دينار يريد مبادلتها بمليون أورو، لمدة ثلاثة أشهر، ولديه التزاما بعد ثلاثة أشهر بهذا المبلغ، وفي نفس الوقت لا يريد الاحتفاظ به إلى ذلك التاريخ، بل يريد استبداله بالأورو، والبنك الآخر لديه مليون أورو، ولكن سعر المرابحة في هذا الوقت على الدينار أعلى من الأورو، لكنه لا يريد فقدان الأورو والدخول في مخاطر الصرف، فهنا يقوم البنكان بإجراء عقد مرابحة على سلعة ما بالدينار، مع وعد من الطرف الآخر بإجراء عقد مرابحة بالأورو، وبعد استكمال العقدين يقوم كل طرف ببيع سلعته في السوق الدولية مرة أخرى، ومنه الاستفادة من ثمنها، وعند تاريخ الاستحقاق يقوم كل طرف بسداد التزاماته بنفس عملة المرابحة.

وعلى ضوء ذلك تجدر الإشارة إلى وجود عدة مبادرات في السياق ذاته، ففي ماليزيا والسودان مثلا فقد تم المصادقة عل اتفاق حول توثيق المشتقات المالية الإسلامية سنة 2006 بدعم من المؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية الإسلامية والتقليدية، وفي مشروع تعاون في البحرين بين السوق المالية الإسلامية الدولية –IIFM-و جمعية أسواق رؤوس الأموال العالمية –ICMA-تم الاتفاق على اعتماد مذكرة توثيق معايير وبروتوكولات اتفاق رئيسي للمشتقات المالية الإسلامية (21)

ولكن الوصول لهذه الحلول يحتاج إلى المزاوجة بين الخبرة العملية، والدراية الفقهية التي ترتكز على الأسس التالية

*- مبدأ التوازن:

من خلال التوازن بين مختلف الحوافز الإنسانية، منها المصالح الشخصية والاجتماعية وتحقيق الربح، وما يتعلق بالأعمال الخيرية والتعاون، فالشريعة الإسلامية نجحت في تحقيق التوازن بين مختلف الحاجات والرغبات ووضعت الكل في الإطار المناسب.

*- مبدأ التكامل:

من خلال التكامل بين المصالح الشخصية مع الاعتبارات الموضوعية، بين تفضيلات الزمن والمخاطرة وبين توليد الثروة الحقيقية.

*- مبدأ الحلالّ:

وبناء على ذلك فقاعدة الحلال هي الأساس للابتكار المالي، لكن بشرط أن يلتزم هذا الابتكار في حدود دائرة الحلال التي لها حدود واسعة، وأن يبتعد عن دائرة المحظور أو الحرام المحصور في حدود ضيقة مقارنة مع دائرة الحلال الواسعة.

*- مبدأ الملائمة:

من خلال تناسب العقد مع الهدف المقصود منه، بحيث القصد مناسبا للنتيجة المطلوبة مع الهدف المقصود منه، وهذا مدلول القاعدة الفقهية ” العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني ".

الصفحات