كتاب " النظام القانوني للمرافق العامة في ليبيا " ، تأليف أ. محمد عبد القادر بوليفة ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب النظام القانوني للمرافق العامة في ليبيا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

النظام القانوني للمرافق العامة في ليبيا
مقدمة عامـة
تعد المرافق العامة من أهم مظاهر نشاط الإدارة التي تسعى من خلالها إلى تحقيق المصلحة العامة . وقد كان لفكرة المرافق العامة من الإغراء ما دفع جانباً كبيراً من الفقه ومن بعده القضاءـ في غالبية أحكامه ـ إلى تأسيس القانون الإداري عليها ، وذلك لما لهذه المرافق من أهمية في الحياة اليومية الجارية ، وبين مقومات المجتمع الأساسية . فجلّ الحاجات الاجتماعية تُشبـّع من خلال هذه المرافق (1) .
ولعل هذا ما دفع البعض إلى القول بأن الدولة ما هي إلا "جسم خلاياه من المرافق العامة" (2) .
وقد كان نشاط الإدارة ـ من خلال هذه المرافق ـ في زمن الدولة ( الحارسة ) ينحصر في تسيير النشاطات الإدارية السيادية كالدفاع والأمن والتعليم والقضاء ، غير أن الوضع قد تغير في أعقاب حركات التأميم التي ظهرت مع بداية القرن العشرين ، وانتشار المذاهب الاشتراكية في كثير من البلدان ، مما أدى إلى ظهور ما سمي بالدولة ( الخادمة ) نتيجةً لتدخل الدولة في مختلف الميادين والأنشطة الصناعية والتجارية التي كانت مملوكة في السابق للأفراد والشركات الخاصة .
وعلى ذلك أصبحت وظائف المرافق العامة لا تقتصر على صيانة النظام العام ونشر العدالة وغير ذلك من الأهداف التي تدخل في وظيفة المرافق الإدارية البحتة ، وإنما تقوم كذلك بخدمة الصالح العام عن طريق تقديم خدمات أخرى للأفراد كالتزويد بالكهرباء والمياه والمواد الغذائية ، ووسائل المواصلات وغيرها ، وذلك عن طريق المرافق الصناعية والتجارية .
ولا يختلف الحال عن ذلك في الجماهيرية الليبية ، فقد أدت التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها البلاد إلى قيام الإدارة الشعبية وازدياد وتنوع المرافق العامة ، التي هي محور النشاط الرئيسي لهذه الإدارة ومن خلالها تعمل على تحقيق الخدمات العامة في المجتمع وتوفير المقومات الأساسية للحياة الاجتماعية السليمة . حيث ظهرت المرافق العامة الاقتصادية إلى جانب المرافق العامة الإدارية نتيجةً لتدخل الدولة المتزايد واضطلاعها بإدارة المشروعات الاقتصادية والاجتماعية ، وبإدارة التنمية ، كما كان للتأميم الشامل والجزئي للمشروعات الخاصة أثره أيضاً على اتساع نشاط الإدارة الشعبية وازدياد المرافق الصناعية والتجارية .
وقد ترتب على تنوع المرافق العامة وتعدد مجالاتها ظهور عدة طرق لإدارة هذه المرافق تباينت فيما بينها في النظام القانوني الذي يحكمها ، وإن كانت هناك بعض المبادئ المشتركة التي تحكم هذه المرافق جميعها دون استثناء .
أهمية الموضوع :-
ولا شك أن وجود كم هائل من المرافق المختلفة في أنواعها وأسلوب إدارتها ، وجهة الاختصاص بإنشائها يجعل نظامها القانوني أكثر تعقيداً ويثير في المحيط القانوني والواقع العملي عدة مسائل تحتاج إلى بحث وتحليل لمحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها ، وخاصةً في الجماهيرية الليبية التي اتسم نشاط الإدارة فيها بالتغيرات الجذرية المتلاحقة والسريعة ، خلال الربع الأخير من القرن العشرين ، نتيجةً للقوانين والقرارات الكثيرة و المتعددة الصادرة في هذا الخصوص ، والتي كان آخرها القانون رقم ( 1 ) لسنة 2000 ف بشأن نظام عمل المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية ، والقرار رقم ( 14 ) لسنة 2000 ف بإصدار اللائحة العامة للقانون رقم ( 1 ) سالف الذكر .
كما تبدو أهمية دراسة هذا الموضوع في ندرة الدراسات القانونية المتعمقة للمرافق العامة على وجه الخصوص . فمعظم المؤلفات الفقهية قد تناولته في إطار دراسة القانون الإداري بصفة عامة. هذا بالإضافة إلى تناول هذه الرسالة بالدراسة والتحليل لما صدر من قوانين وقرارات جديدة في الجماهيرية الليبية في هذا الخصوص لم يسبق تناولها ـ بحسب علمنا ـ في أي بحث .
كما تناولت هذه الرسالة بالتحليل العديد من الأحكام القضائية الحديثة غير المنشورة ، الصادرة عن دوائر القضاء الإداري بمختلف مدن الجماهيرية الليبية ، والتي مازال بعضها مطروحاً أمام المحكمة العليا الليبية مما يعطي هذه الدراسة أهمية علمية خاصة لمساهمتها في إلقاء الضوء على موقف القضاء الليبـي في ظل التشريعات الجديدة المتعاقبة ، وما أرساه هذا القضاء من مبادئ متعلقة بهذا الموضوع .
هذا بالإضافة إلى أهمية ما تضمنته هذه الرسالة من مراجع عربية وأجنبية حديثة تمكن القارئ من التعرف على العديد من الأنظمة القانونية المقارنة ( للمرافق العامة ) وفقاً لآخر التشريعات الصادرة في تلك الدول .
منهج البحث :
على ضوء ما تقدم فإن منهج البحث في هذه الدراسة سوف يقوم على الدراسة القانونية التحليلية المقارنة للنظام القانوني للمرافق العامة في العديد من الدول الأوروبية والعربية ، وذلك من خلال تحليل النصوص الدستورية والقانونية لتشريعات هذه الدول ومقارنتها مع ما جاءت به النصوص الدستورية والتشريعات المتعلقة بالنظام القانوني للمرافق العامة في الجماهيرية الليبية . هذا بالإضافة إلى ما سنقوم به من دراسة وتحليل للأحكام القضائية الصادرة في هذا الموضوع .