كتاب " النظام القانوني للمرافق العامة في ليبيا " ، تأليف أ. محمد عبد القادر بوليفة ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب النظام القانوني للمرافق العامة في ليبيا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

النظام القانوني للمرافق العامة في ليبيا
الفصل التمهيدي
ماهية المرافق العامة
المبحث الأول
تعريف المرفــق العــام
إن كلمة مرفق في اللغة العربية مشتقة من أصل كلمة " رفق " ، والرفق ضد العنف ، وأرفقه أي نفعه (3) . فالمرفق هو ما يرتفق به ، أي ينتفع به .
وقد وردت كلمة مرفق بهذا المعنى في القرآن الكريم دالةً على النفع أو الرزق ، في قوله تعالى : { وإذا أعتزلتموهم وما يعبدون إلاَّ الله فآووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيء لكم من أمركم مرفقاً }[ 16/الكهف]، أي أمراً ترتفقون به(4).
ولا يختلف ما تعنيه كلمة مرفق في اللغة العربية عمَّا يقابلها في اللغات الأجنبية . ففي اللغة الفرنسية نجد كلمة مرفق Le Service تعني خدمة أو مصلحة أو منفعة (5) . وفي الإنجليزية تأتي كلمة Service بذات المعنى (6) . كما وردت كلمة مرفق في اللغة الإيطالية Servizio بمعنىخدمة أو فائدة أو مصلحة (7) .
وعلى ذلك فإن مصطلح المرفق العام Le Service Public يقصد به لغةً المصلحة العامة أو النفع العام . ولعل السبب في إطلاق هذه التسمية على المشروعات الحكومية العامة يرجع إلى أن فكرة المرفق العام في جوهرها تقوم على أساس عنصر النفع العام باعتباره المحور الأساسي لها .
وقد ظهر اصطلاح المرفق العام لأول مرة في كتابات الفقيه (برودون Proudhon) الذي استعمل هذا المصطلح بمثابة معيار للتفرقة بين المال العام والخاص المملوك للدولة ، ثم تطور هذا المصطلح بنشأة القانون الإداري واستقلاله بقواعده عن القانون المدني ، وأصبحت كلمة مرفق عام تعنيمجال مباشرة الدولة لوظيفتها الطبيعية ، وبالتالي مجال تطبيق القانون الإداري (8).
ورغم ما تؤديه فكرة المرفق العام من دور بالغ الأهمية في مجال رسم معالم القانون الإداري ، حيث تشكل الأساس الذي يرتكز عليه القضاء الإداري في تحديده للمفاهيم الكبرى لذلك القانون ، مثل مفهوم الموظف العام ومفهوم القرار الإداري والعقد الإداري، والمال العام ، الأمر الذي جعل جانباً من الفقه يذهب إلى اعتبار المرفق العام بمثابة العمود الفقري للقانون الإداري وإلى أن هذا القانون نفسه لا يعدو إلاَّ أن يكون قانون المرافق العامة ، إلاَّ أنه لم يهتم المشرع ولا القضاء بتحديد فكرة المرفق العام (9) .
وإذا كان القضاء الإداري الليبـي والمقارن قد عرّف في بعض أحكامه مفهوم المرفق العام ، إلاَّ أن هذه التعريفات جاءت موسعة يصعب معها تحديد فكرة المرفق العـام(10) ،
ولعل ذلك يرجع إلى تطور المرافق العامة المستمر ، ومن ثم صعوبة إيجاد تعريــف جامع مانع لها (11) .
أما الفقه ، فقد تعددت آراؤه في تحديد مفهوم المرفق العام وتفاوتت معانيه تفاوتاً كان مرجعه الزاوية التي يُنظر إلى المرفق من خلالها . فيذهب البعض إلى تعريف المرفق العام بالنظر إليه من الناحية الموضوعية أو المادية ، فينظر فقط إلى طبيعة النشاط الذي تقوم به الإدارة ، ويذهب البعض الآخر إلى تغليب المعيار الشكلي أو العضوي فيعرف المرفق العام بأنه الهيئة الإدارية نفسها التي تتولى أمر هذا النشاط ، بينما رجح فريق ثالث الجمع بين المدلولين في تعريف المرفق العام .
ولإيضاح كل من هذه المفاهيم ، نقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب ، نخصص المطلب الأول لدراسة المفهوم العضوي للمرفق العام ، والمطلب الثاني للمفهوم المادي ، ونتناول في المطلب الثالث المفهوم المزدوج للمرفق العام .