إنَّ من الطبيعي أن تكون لغة الشعر الجديد لغة جديدة.
أنت هنا
قراءة كتاب تحولات الشعرية العربية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
التمهيد النظري
الانقطاع تحديد المفهوم من الموروث إلى الحداثة
إنَّ الإلمام بظاهرة الانقطاع، ومحاولة تحديد مفهومه بوصفه شكلاً نصيًّا يزدحم به الشعر العربي الحديث، مسألة تقتضي الوقوف عند الكثير من الشواهد الأدبية والنقدية الدالة عليه قديما وحديثا. فالتقليد الفني الموروث في بنية القصيدة الجاهلية يكاد يكون قائماً على الانقطاع التام، وإليه يعود اختراع الظاهرة، ولا يقتصر الانقطاع على الشعر فحسب، إنما يتعداه إلى القرآن الكريم الذي يظهر فيه وعلى كل المستويات:
فعلى مستوى الجملة قوله تعالى: (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا..) (البقرة 189). وعلى مستوى الآية قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي..) البقرة 186. وعلى مستوى السورة (سورة القيامة )(1)
فالنص القرآني يمكن قراءته على أنّه انقطاع من أوله إلى آخره في كل شيء فالسورة منقطعة عما يسبقها وعما يليها( 2). ولقد أكد الرسول الكريم (ص) هذا في قوله: « لا أقول (الم) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف »(3)
إذا عدنا إلى البلاغة العربية نجد أنّ كلاً من عبد القاهر الجرجاني في (دلائل الإعجاز) والسكاكي في (مفتاح العلوم) قد ذكرا ذلك في باب الفصل والوصل. وعلى الرغم مما يبدو على هذا المصطلح في البلاغة العربية من اختصاره على العطف وعدمه فإن هذه التقنية الأسلوبية قد عالجت قضية حضور الوصل عند غياب العطف أيضا. ومما لا شكَّ فيه أنّ الفصل والوصل أصعب وأدق مبحث في البلاغة يقول الجرجاني: « وأعلم أن ما من علم من علوم البلاغة أنت تقول فيه خفي غامض، ودقيق صعب إلا وعلم هذا الباب أغمض وأخفى وأدق وأصعب »( 4) وسأحاول أن أقدم شرحاً مبسطاً لهذا الفن من وجهة نظري العالمين الجليلين الجرجاني والسكاكي وكالآتي:
من وجهة نظر الجرجاني:
ويكون الوصل إما بعطف مفرد على مفرد، ويرى أن فائدة العطف في المفرد أن يشترك الثاني في إعراب الأول، وأنه إذا اشترك في إعرابه فقد أشركه في حكم ذلك الإعراب مثلما يكون المعطوف على المرفوع بأنه فاعل مثله والمعطوف على المنصوب يكون مفعولاً به أو فيه أو غير ذلك.