إنَّ من الطبيعي أن تكون لغة الشعر الجديد لغة جديدة.
أنت هنا
قراءة كتاب تحولات الشعرية العربية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
زيدٌ طويل القامة وعمرو قصير.
ـ زيدٌ شاعر وعمرو كاتب.
فالعطف الأول شاذ لأن الخبرين ينتميان إلى حقلين دلاليين مختلفين والأصوب أن يؤتى لكل خبرٍ بما يشاكلهُ أي طول بقصر أو قول الشعر وكتابة القصة ففي الأولى انتزعت من السمة الواحدة وفي الثانية انتزعت من نشاط المشابهة( 8).
إن الجرجاني ينظر إلى الخطاب من زاوية التلقي، أي من علاقة المتلقي بالخطاب إذ إنّه قد برر الأمثلة السابقة معنوياً يعود في مثال آخر ليبررها بما هو متداول فيقول في جملة: (عمرٌ قائم زيدٌ قاعد) بما أنَّ (زيدا)، (عمرا) « إذا كانا أخوين أو نظيرين أو مشتبكي الأحوال على الجملة كان الحال التي يكون عليها أحدهما، من قيامٍ أو قعود أو ما شاكل ذلك، مضمومة في النفس إلى الحال الآخر من غير شك »(9).
ويشير محمد الخطابي في شرح هذه الفقرة إلى: « إن اقتران الأشخاص في ذهن المتلقي، بعضها ببعض مختلف من متلق إلى آخر، فإن مبدأ التضام النفسي بالنسبة لمن يعرفهما ويعنيه حالهما فحسب ولا يمكن أن نعتبر كذلك بالنسبة لجميع الناس »( 10).
ويضرب مثلاً آخر هو « العلم حسن والجهل قبيح، لأن كون العلم حسناً مضموم في العقول إلى كون الجهل قبيحاً »(11).
وإذا علَّق الخطابي على مسألة التضام النفسي لكونها خاصة فإنّ التضام العقلي عام لكل الناس وبهذا يخلص الجرجاني إلى مبدأ عام وضعه للعطف يضع فيه معنى لكل اشتراك بين شيئين.
ثم يعود الجرجاني ليفصل في أمر العطف الذي يكون بالجملة التي لا تعطف على التي تليها ولكن تعطف على جملة بينها وبين هذه التي تعطف جملة أو جملتان ويبدأ بقياس العطف على الشرط والجزاء ويضرب المثال الآتي:-
تولوا بغتةً فكــأن بينــــاً تهيبنـي ففاجـــأني اغتيالا
فكان مسير عيسهم ذميلاً وسير الدمع إثرهم انهمالا(12 )
فمن المحتمل أن يجعل قارئ البيتين قوله: ( فكان مسير عيسهم ذميلاً) معطوفاً على (ففاجأني اغتيالا) بينما هو معطوف على (تولوا بغتة) والقرينة التي تمنع العطف الأول هي (كأن) التي تفيد التوهم.