إنَّ من الطبيعي أن تكون لغة الشعر الجديد لغة جديدة.
أنت هنا
قراءة كتاب تحولات الشعرية العربية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
فقوله تعالى: (لا يُؤْمِنُونَ) تأكيد لقوله (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ) وقوله: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ) تأكيد ثان أبلغ من الأول، لأنّ من كان حاله إذا أنذر مثل حاله إذا لم ينذر كان في غاية الجهل، وكان مطبوعاً على قلبه لا محالة( 15).
ففي هذه الآية نحن أمام تأكيدين كل منهما يضيف شيئاً إلى المعنى وليس الثاني لأنه أبلغ من الأول.
ومما يندرج تحت هذا الباب يؤكد الجرجاني مسألة أخرى فيقول:
« ومما هو أصل في هذا الباب أنّك قد ترى الجملة وحالها مع التي قبلها حال ما يعطف ويقرن إلى ما قبله، ثم تراها قد وجب فيها ترك العطف، لأمر عرض فيها صارت به أجنبية مما قبلها »(16 ).
أي أنّه أراد أن يبحث في مظهر آخر من مظاهر الخطاب التي توجب الفصل على خلاف ما يعتقد وقد اصطلح عليه محمد الخطابي بـ "مظاهر النص" (17).
ويضرب الجرجاني لهذه الفقرة المثال الآتي:
قوله تعالى: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ*اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (البقرة 14،15)
إنَّ من يمعن النظر في الآية الكريمة قد يعتقد ظاهرياً بوجوب عطف (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) على قوله (إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) لأنه ليس أجنبياً عنه ولأن له نظائر في القرآن الكريم جاءت معطوفة على ما قبلها، مثال ذلك قوله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (النساء 142) وقوله: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ) (عمران 54) وما شابه ذلك مما يرد فيه العجز على الصدر. والمبرر الذي يقدمه الجرجاني هو اختلاف في صيغة الخطاب في الآية فقوله (إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) حكاية عن المنافقين وليس بخبر من الله تعالى، وقوله: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) خبر من الله تعالى أنّه يجازيهم على كفرهم واستهزائهم لذلك امتنع عطف ما هو خبر من الله على ما هو حكاية عن الكفار والشيء نفسه يقال على الأمثلة الأُخر التي طرحها الجرجاني. فصيغة الخطاب تختلف، لذلك كان الفصل. أما إذا تماثلت صيغة الخطاب فيكون هناك وصل وعلى النحو الآتي:
ـ خبر / حكاية = فصل
ـ حكاية / خبر = فصل
ـ خبر / خبر = وصل
ـ حكاية / حكاية = وصل( 18)