كتاب " النزيف الريفي والإحتقان الحضري " ، تأليف صالح خليل الصقور ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب النزيف الريفي والإحتقان الحضري
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

النزيف الريفي والإحتقان الحضري
الفصل الاول
الهجرة في القرآن والارث السوسيولوجي
(المفهوم والتعريف والأشكال .. الخ)
مقدمة
حظيت الهجرة بشكل عام والداخلية في بشكل خاص باهتمام المفكرين والعلماء و المنظمات الدولية ومراكز البحوث والتخطيط سواء القومية منها أوالدولية منذ أزمان طويلة كما ورد ذكرها في أكثر من آية من آيات القرآن الكريم.
فقد جاء في القرآن الكريم ، قوله تعالى " فأخرجهما مما كانا فيه ، وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتع إلى حين " .
معلنا بذلك سبحانه عن أول نزوح (migration) للجنس البشري ، ممثلا بآدم وحواء من الجنة وفاتحا عهدا جديدا من التنقل ، وعدم الاستقرار، فمنذ ذلك الحين لم يقدم لنا التاريخ الإنساني نماذج من مجتمعات كاملة ودائمة الاستقرار، وإنما قدمّ صورا عديدة للإنسان وهو يبحث عن قوته اليومي قاطعا مئات الأميال كما ولم يستطيع الزمن اللاحق أن يوقف تيار الحركات البشرية.
الأمر الذي يؤكد الهجرة على كافة مناحي الحياة سواء أكانت ديمغرافية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية .. الخ و عدم اقتصارها على فترة زمنية بعينها، بمعنى أنها صاحبت الوجود الإنساني الأول على هذا الكوكب منذ إن كان ينتقل الإنسان الأولى من منطقة إلى أخرى بحثا عن الماء والغذاء .
إلا أن الاختلاف ما بين الحركات الفردية والجماعية التي حدثت في الماضي السحيق والحركات الفردية والجماعية التي تفاقمت عقب الثورة الصناعية في أوروبا وفي مطلع القرن العشرين، هو في إن حركات الماضي القديم كانت حرة لم يقف في طريق حريتها سوى الطبيعة التضاريسية الصعبة لبعض المناطق المستهدفة وقدرة الأفراد والجماعات البيولوجية على تحمل مشاق السفر، بمعنى آخر أكثر وضوحا فإن حركات الأفراد والجماعات في الماضي لم تصطدم بأية حواجز أمنية ولا بالأسلاك الشائكة أو المكهربة، كما لم يكن مطلوب منهم أي المهاجرين المرور على أقسام الهجرة والجوازات وكاونترات الجمارك الحدودية لسبب بسيط جدا هو عدم وجود مثل هذه التدابير في القديم السحيق، فهي حواجز من صنع الحضارات اللاحقة التي شهدت تأسيس التكتلات السياسية على أسس عرقية وقومية حيث تم بموجبها تنازل الأفراد والجماعات عن قدر كبير من حرياتهم وبالذات في مجال الحركة والانتقال للدساتير والقوانين التي وضعتها الكيانات الجديدة والمؤسسات الجمعية ، التي أخذت على عاتقها مهمة تنظيم كافة شؤون حياة المجتمع، وبناءاً عليه ، فلقد صار للهجرة مفاهيم وتعريفات وأشكال … الخ جديدة تتفق مع واقع الحياة المعاصرة بما حوته وتحويه من تغيرات شاملة في كافة مناحي وأشكال الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ... الخ.