أنت هنا

قراءة كتاب النزيف الريفي والإحتقان الحضري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النزيف الريفي والإحتقان الحضري

النزيف الريفي والإحتقان الحضري

كتاب " النزيف الريفي والإحتقان الحضري " ، تأليف صالح خليل الصقور ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 5

الهجرة في بعض النظريات والدراسات الاجتماعية migration in theories and social studies

تعتبر نظرية ميلر وفورم والمعروفة بالمراحل الخمس لأنماط الحياة المهنية ودراسة جورج فلور التي أجراها من اجل التحقق من بعض جوانب هذه النظرية من بين النظريات التي تجيز الهجرة وتنظر إليها بإيجابية في العديد من المواقف وبالذات المفهوم الذي طوره Flore والمعروف في القدر المناسب من الحراك الوظيفي والذي يؤكد على أهمية التجديد والانتقال من منطقة إلى أخرى في حياة الناس وبالذات لأصحاب الوظائف الإشرافية حيث توصل صاحب هذا الاتجاه إلى أن على محافظ المدينة أن لا يضل فترة طويلة جدا أوقصيرة جدا في وظيفته وأن عليه أن يكون واعيا مدركا لمخاطر الإسراف في الاندماج أو عدم الاندماج في المجتمع المحلي، كيما يضل قادرا على ممارسة مهنته بدرجة اقل من التوتر، هذا وفي الوقت المناسب فإن عليه أن يقوم بحركات منتظمة من مدينة لأخرى(2).

وما ينطبق على المحافظين من شأنه أن ينطبق أيضا على خلافهم من أصحاب المهام والمسؤوليات الهامة التي تحتاج إلى التغير والتجديد ما بين الفينة والفينة الأخرى.

أما فيما يتعلق بالنظرية الانتشارية ونظرية النموذج المثالي فإن (ريدر) قد قال بأن حال هذه المجتمعات والدول سيئة جدا لأنها من جهة سوف تكون مضطرة إلى زيادة استيرادها للمواد الغذائية من الخارج وبالتالي حدوث اضطراب في أمنها الغذائي والوطني ومن ناحية أخرى فإن عواصمها سوف تشهد انفجارا حضريا غير مأمون العواقب إلى جانب مخاطر التأثير الأخرى التي يعاني منها الأفراد وتعاني منها الأسر المهاجرة حيث أشار البعض من علماء الاجتماع والنفس … الخ.

إلى حدوث انقطاع شبه كلي ما بين المهاجرين ومناطقهم الأصل وحدوث فجوة اقتصادية وثقافية واجتماعية ما بين مناطق الإرسال والاستقبال وعدم قدرة الكثيرين من المهاجرين على التكيف مع الحياة الحضرية الجديدة وبالتالي وقوعهم فريسة للأمراض إلى جانب انحراف البعض منهم إلى حد الإقدام على ارتكاب الجرائم كالسرقة والسطو والنهب … الخ.

إلا أنه وبالرغم من أن التراث السوسيولوجي يهدف فيما يهدف إليه إلى معالجة العديد من التأثيرات المختلفة التي تحدثها المدن الكبرى على ساكينيها وبالذات المهاجرين منهم، حيث برزت أطر نظرية وتحليلية عديدة تناولت تأثير التحضر على النظــام الاجتماعي ككل وعلى الأفراد بوصفهم أفرادا لعل من أهمها تفرقة دور كـــايم (Durkheim) بين التضامن العضوي والتضامن الآلي وتفرقة تونيــز (Toennies ) بين " المجتمع المحلي " " والمجتمع "(3) … الخ.

لذا فإن تأثير الحياة الحضرية على المهاجرين يبدو حتميا وجوهريا من أجل العمل على صهرهم داخل نظمها الجديدة وتحويل سلوكاتهم وشخصياتهم من قوالب تقليدية جامدة إلى أخرى اكثر مرونة وتقبل للحياة الحضرية الجديدة .

ماذا وإلا فإنهم سوف يصبحون عبء ثقيلا على انساقها وقوانينها وبالتالي مظاهر خطرة من مظاهر تقويض بناءها وإعاقة تماسكها. وبالنظر إلى أن عملية قوليتهم وصهرهم مع المجتمعات الجديدة لن يكتب لها أن تتم بين ليلة وضحاها أو قد لا يكتب لها أن تتم أبدا حتى لو أعطيت وقتا كافيا لأسباب تتعلق بارتفاع نسبة الأمية بين المهاجرين وهشاشة بنائهم المهني وشدة تدينهم ، .. الخ. بسبب قدومهم من مناطق تشهد أعلى درجات التجانس والتقليدية إلى مجتمعات أخرى متباينة اشد التباين، فإن أمورا كهذه غالبا ما تزيد من قلقهم وحيرتهم حتى إنك لتجد الأحياء الفقيرة والمتخلفة (Slums ) تعاني فيما تعانيه من تدني في مستوى خدماتها الصحية والاجتماعية إلى جانب انتشار الأمراض وبالذات الناجمة منها عن سوء التغذية … الخ . إلا أن هذا لا يمنع من أن لاختلاف المنطلقات الفكرية وتعدد الميول العلمية لدى الباحثين الدور الأكبر في تأخير بروز نظرية شاملة في هذا الشأن إلى حيز الوجود فعلماء الديمغرافيا على سبيل المثال يعتبرونها مشكلة ديموغرافيه، بينما ينظرون لها علماء الانتقاء على أنها مشكلة اقتصادية تتعلق بحركة القوى العاملة، في حين يراها علماء الاجتماع مشكلة اجتماعية تؤثر على الإطار الثقافي للمجتمع بأسره.

ولكن وعلى الرغم من هذا التباين إلا أن نفرا من العلماء استطاعوا أن يتوصلوا إلى بعض القوانين الخاصة بالهجرة، فقد نشر رافنشن (Ravenstion ) في

قوانين الهجرة (Lows of Migration ) سبعة قوانين هي (4):

1. أن غالبية المهاجرين يتحركون إلى مسافات قصيرة من الموطن الأصلي.

2. أن عملية الامتصاص هذه تحدث على نحو مؤاداه، أن سكان الريف المجاورين مباشرة للمدينة يتجهون إليها مباشرة وإن، الفراغ الذي يخلقه المهاجرون يمتلئ بمهاجرين جدد من مناطق أخرى أكثر بعدا حتى يصل المهاجرون إلى أبعد ركن من أركان المدينة.

3. أن عملية التوزيعDestrbution هي نقيض عملية الامتصاص Absorption مع أن لها خصائص متشابهة.

4. كل تيار رئيسي للهجرة يقابله تيار دائري يكافئه.

5. إن تدرج المهاجرين في بعض المسافات الطويلة عموما يقوم على أساس تفضيلهم لأكبر المراكز التجارية والصناعية.

6. سكان المدن الأصليين أقل هجرة من سكان الريف .

7. الإناث أكثر هجرة من الذكور الأصليين.

في حين يرى ستوفر Stoffer " أن حجم المهاجرين الذين يهاجرون إلى مكان ما يتناسب مباشرة مع حجم الفرص الوسيطة المتوفرة في تلك الأماكن".

هذا ولقد أشار كارل ماركس في قانون السكان إلى أنه ( وكلما أنتجت الطبقة المؤجرة تراكم رأس المال وبقدر ما تفلح في هذا الإنتاج فإنها تنتج في الوقت نفسه وسائل إحالتها خارج العمل والإنتاج)(5).

بمعنى أن تراكم رأس المال يتيح لهذه الصناعات المقدرة على تطوير ذاتها وإحداث تحولات فنية فيها، من شأنه أن يساعد على الاستغناء عن الكثير من الفنيين والعمال الذين يصبحون عبئا عليها وبالتالي فلا بد من إنقاص عددهم لإضافة ما كانوا يحصلون عليه من أموال إلى رأس المال.

كما توصل بعض العلماء إلى أن الفئات الشابة (30-20) سنة تهاجر أكثر من غيرها من الفئات. في حين توصل آخرون إلى أن هناك علاقة طردية بن ارتفاع مستوى التكوين المهني واحتمالات الهجرة من الريف إلى المدن.

كما أثبتت بعض الدراسات أن العزاب أكثر مهاجرة من المتزوجين وأن الذكور أكثر مهاجرة من الإناث، كما أشارت بعض البحوث إلى ارتفاع نسبة المهاجرين المتعلمين، خصوصا عندما يكون الدافع اقتصاديا في حالة الجذب.

مما سبق يتضح بأن نظرية واحدة بعينها لا يمكن أن تستوعب أو تفسر جميع الدوافع التي تقف وراء قرار الأفراد في الهجرة من مكان إلى مكان آخر، لأن الدوافع تتنوع من مجتمع إلى آخر، وأنها في تنوعها وتباينها ترتبط بمجموعة من الظروف الاجتماعية والاقتصادية، إن الحديث عن قوانين ونظريات الهجرة أمر شاق وطويل ويحتاج إلى العديد من البحوث، وقد كان تناولها في هذه العجالة كي تكون عونا لدراسة الهجرة بعمق أكثر.

الصفحات