كتاب " النزيف الريفي والإحتقان الحضري " ، تأليف صالح خليل الصقور ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب النزيف الريفي والإحتقان الحضري
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

النزيف الريفي والإحتقان الحضري
ثانيا: الهجرة بشكل عام والداخلية بشكل خاص
1: ما المقصود في الهجرة ؟
بالرغم مما أسفرت عنه جهود الكثيرين من العلماء والمنظمات والوكالات الإقليمية والدولية المعنية بشؤون الهجرة والقضايا الناجمة عنها من اتفاق حول موضوعاتها وتعاريفها وأشكالها إلا أن الخلاف حول تحديدها تحديدا دقيقا ومعترفا به من قبل الجميع ما زال قائما بين العلماء وبالذات بين علماء الاجتماع والديمغرافيا والجغرافيا والانثربولوجيا … الخ.
حيث عرفها أحدهم بأنها: (تغير دائم في مكان الإقامة من بيئة إلى بيئة أخرى بقصد الاستقرار في البيئة الجديدة).
في حين قال آخرون بأن الهجرة : ( ما هي إلا حركة الأفراد داخل المجتمع الواحد من بيئة محلية معينة إلى بيئة محلية أخرى أو انتقالهم من مجتمع إلى آخر عبر الحدود السياسية أو الدولية، وتكون الهجرة داخلية إذا حدثت داخل المجتمع الواحد كما هو الحال بالنسبة لهجرة الريفيين إلى المدينة وخارجية إذا قام بها الأفراد إلى خارج بلادهم لفترة محددة أو بصفة نهائية).
وبناء عليه، فإن الهجرة تكون داخلية إذا تمت بين وحدتين إداريتين داخل حدود الدولة الواحدة وخارجية إذا تجاوزت الحدود السياسية المعترف بها لأية دولة باتجاه دولة أخرى، وبما أننا في هذه الدراسة نتحدث عن الهجرة الداخلية فإن أحد الباحثين قد عرفها أيضا بأنها " التحرك ضمن ظروف أساسية تتيح للأفراد والجماعات تحقيق قدر من التوازن أو الاستمرار في الوجود عن طريق إشباع الحاجات الإنسانية المختلفة البيولوجية والاجتماعية والسيكولوجية والثقافية والسياسية، فهي عملية لإعادة التوازن للنسق الاجتماعي والثقافي"، وبالرغم من شمولية هذا التعريف، إلا أنه يبقى عاجزا عن الإجابة على الكثير من التساؤلات، خصوصا ما يتعلق منها بالوسائل التي من شأنها أن تعيد التوازن للنسق، كما أنه أعطى أهمية من الدرجة الثانية للبعد الاقتصادي.
وبناء لما تقدم فأن تعريف الهجرة الداخلية من وجهة نظر الباحث وبما يتناسب مع طبيعة الدراسة تعني ( كل حركة فردية أو جماعية من منطقة إدارية سواء كانت على مستوى محافظة أو إقليم داخل حدود الدولة الواحدة، بنية الاستقرار والإقامة في المنطقة الإدارية الجديدة سواء أكانت هجرتهم على غير إرادتهم بهدف تحسين نمط حياتهم أو بمحض اختيارهم لتحقيق رغبات واحتياجات اجتماعية وبيولوجية ونفسية واقتصادية عجزت أنساق ونظم المجمع الأصلي عن إشباعها كليا أو جزئيا بغض النظر عن المسافة التي يقطعها المهاجر)، وبالتالي فهي قريبة من مفهوم التوطين. فالتوطين ظاهرة اقتصادية واجتماعية جماعية وتحول في سلوك العشائر البدوية ظل مألوفا عندهم قرونا طويلة، وهي "أي الهجرة" عملية إنشائية تتضمن أحداث تغيير في الظروف الطبيعية القائمة، وفي طريقة استغلالها بهدف تنمية الموارد البشرية والاقتصادية ورفع المستوى الاجتماعي وتحقيق التكامل القومي من خلال توحيد الريف مع البدو مع الحضر عن طريق إدماج المجموعات البدوية في الوحدة السياسية والقانونية والاقتصادية للمجتمع.
وبشكل عام فإن الهجرة الداخلية موضوع الدراسة من العوامل الرئيسية التي تؤثر في حجم وحركة السكان، ويبدو هذا التأثير واضحا في دول العالم الثالث التي غالبا ما تشهد أجزاء منها تيارات عارمة من الهجرة الريفية - الحضرية وبالذات نحو العواصم في حركات أشبه ما تكون تفريغا دائما للريف من سكانه لصالح هذه المراكز التي غالبا ما يوصف البعض منها بأنها ذات بنى اقتصادية هشة، الأمر الذي أصبحت معه عملية الهجرة هذه عبء ثقيلا على كاهل المرافق والخدمات وسوق العمل وعنصرا بغيضا من عناصر الحركة السكانية، وهو أمر مرفوض تماما من قبل الجميع، و يتطلب استبداله خلق نوع من التوازن بين القطبين اللذان حركا ويحركان تيار الهجرة، في كل من منطقتي الإرسال والاستقبال، من اجل المساهمة في إنجاح برامج ومشروعات التنمية الريفية(Rural Development ) وبما يحقق أهدافها ويزيد من مساهمتها في الناتج الاقتصادي القومي.
هذا وبشكل عام فلقد ميز علماء الديمغرافيا والجغرافيا والاجتماع وخلافهم من المعنيين والدارسين للهجرة بين نوعين من أنواع الهجرة هما: