أنت هنا

قراءة كتاب فازع شهيد الإصلاح في الخليج

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فازع شهيد الإصلاح في الخليج

فازع شهيد الإصلاح في الخليج

رواية "فازع شهيد الإصلاح في الخليج"، أحداث هذه الرواية تقع في زمن افتراضي.. لربما ما بعد عام 2050. وفي مكان افتراضي في منطقة الخليج العربي. إن تشابهت شخصيات الرواية مع شخصيات في المنطقة حالياً فهذا ليس من عيوب الرواية. نقرأ منها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

بينما بقيت هي متوارية خلف باب الخيمة. ترجّل رجل أجنبي من السيارة، وتحدث بعربية مكسّرة:
- أين (أبو فازع)؟؟
ردّت عليه الخادمة بأنه غير موجود، وأن (أم فازع) موجودة.
زمجر صوت (أم فازع) من داخل الخيمة:
- منهو يبي (بوفازع)؟
تحدث الرجل بعد أن خطا خطوات حذرة باتجاه الخيمة، مصدر الصوت:
- أنا من القاعدة الأمريكية.. جئت أطمئنكم على (فازع). إنه بخير.
ران صمت قصير بين الرجل المنتصب خارج الخيمة - والهواء العليل يلعب بشعره الذهبي وسرواله الأسود - وبين (أم فازع) وكأنه دهر. تنحنح الرجل ونظر إلى الخادمة التي تبدو في حالة مزرية بعد أن قامت بتنظيف زريبة الدواب. نظر الرجل إلى الأفق وعاد من جديد يسترق السمع نحو باب الخيمة. هز رأسه دونما تعليق. تراجع خطوتين باتجاه السيارة، والصمت مازال مُصراً على عدم تجاوز شرف الخيمة. أعاد الرجل نظارته الشمسية الداكنه على وجهه واستدرك:
- حسناً.. أنا ذاهب. هل من رسالة إلى (فازع)؟
لم يأت أي جواب من الخيمة. تراجعت الخادمة مبتعدة عن السيارة التي بدأت تهدر. رجعت السيارة إلى الوراء وغابت في غبار لا نهاية له.
ظهرت (أم فازع) من الخيمة وتابعت السيارة السوداء المثيرة للغبار الكثيف وهي تتوارى نحو القاعدة الأمريكية. التقطت غصناً يابساً من عند باب الخيمة وجلست ترسم بلا هدي على الرمال! رسمت وجهاً ثم مسحته. ثم رسمت قمراً ومسحته. كتبت اسم (فازع) وعملت عليه علامة إكس. تذكّرت الصحافي (هذلول) عندما اختلف مع رئيس التحرير وأوقفوا مقالاته؛ حيث قال له رئيس التحرير: عملنا عليك إكس!؟ كان (هذلول) صديقاً لإبنها (فازع). وكثيراً ما دافع عنه إبان اعتقاله قبل ستة شهور وتعرّض لمساءلات عديدة، ثم أوقفوا مقالاته بدعوى أنه يتدخل في أمور أمنية تخصّ بالنظام ويعادي أمريكا. لكنه واصل اتصالاته مع المسؤولين من أجل إطلاق سراح (فازع).
تنبّهت (أم فازع) على صوت دجاجة قذفت من ورائها للتو بيضة وأخذت تكأكي! أخذها المشهد إلى يوم ولادتها لطفلتها (خمشة)، التي بدت مثل القمر، كاملة النمو، ممتلئة الجسم. لم تحتضنها – كعادة الأمهات – بل أدلت لها ضرعها دونما اهتمام، وبدأت الطفلة ترضع بلهفة. بعد يومين، وفي منتصف الليل وضعت (أم فازع) المخدة على وجه الطفلة وخنقتها!؟ في الصباح أخذت تولول وتدّعي بأن البنت قد ماتت! تراكضت الخادمتان السيرلانكيتان النحيفتان نحو الخيمة لتجدا (أم فازع) منكبة – في صورة مسرحية واضحة – وهي تبكي على الطفلة. وبردة فعل سريعة وصادقة أخذت الخادمتان تبكيان بحرقة وخوف، وتمسحان دموعهما الغزيرة بأيديهّن النحيفة كأقلام الرصاص. حاولتا الاقتراب من (أم فازع) ومسكتاها من كتفيها، لكنها نهرتهما – أيضاً بطريقة مسرحية – وعادت إلى البكاء، أو تمثيل البكاء.
توارت الخادمتان خارج الخيمة، وكأنهما شبحان يتراقصان داخل الجلابيتين الفضفاضتين. توقفت (أم فازع) عن النحيب المزّور. وألقت نظرة حاقدة على وجه الطفلة البريئة، حيث مازالت عيناها مفتوحتين. عندما انتصف الليل لفّت الطفلة في قماطها الأبيض وحملتها نحو الصحراء تحت النخلة اليابسة. تلفتت يميناً وشمالاً وبدأت تحفر حفرة كي تواري فيها الطفلة. بعد دقائق كان القبر قد أعد. ألقت الطفلة في القبر الصغير وأهالت التراب عليها دون أن يخفق قلبها بأي شعور أو أمومة. وضعت حجرين كشاهدين على القبر الصغير الذي لم يتجاوز طوله الأربعين سنتيمتراً، وعادت أدراجها إلى الخيمة وهي تمشي على أصابع قدميها. كانت الخادمتان تسترقان السمع وتركزان نظراتهما من خلال شق في جدار خيمتهما، حيث شاهدتا كل ما قامت به (أم فازع). كان الخوف والدهشة يسلبانهما قدرة الكلام!.

الصفحات