رواية "فازع شهيد الإصلاح في الخليج"، أحداث هذه الرواية تقع في زمن افتراضي.. لربما ما بعد عام 2050. وفي مكان افتراضي في منطقة الخليج العربي. إن تشابهت شخصيات الرواية مع شخصيات في المنطقة حالياً فهذا ليس من عيوب الرواية. نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب فازع شهيد الإصلاح في الخليج
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

فازع شهيد الإصلاح في الخليج
القصر يلفه الصمت. الحراس عند البوابات الخمس للقصر متأهبون بأسلحتهم المعتادة! الدبابات تقف بتحفّز أمام كل بوابة. أسوار القصر مضاءة كالعادة. الحراس يتناوبون المكان مع زملائهم ويشعلون سجائرهم وهم يتهامسون. حدائق القصر صامتة في ذاك الليل الربيعي. أنفاس الزهور تتلاقح بكل عذوبة. بعض الأغصان تهتز متراقصة مع النسيم. وقعُ أقدام الحراس تقطع هدأة المكان. في المطبخ كان الطباخ السوداني يتسامر مع زوجته (أم حسن) وهما يتناولان طبق العشاء. رجال الأمن في غرفة المراقبة العامة يقضون الليل في ملاحقة الكاميرات العشر الموزعة فوق أسوار القصر وهم يتناولون القهوة الأمريكية؛ لقد تدربوا في الولايات المتحدة وأُعجبوا بالقهوة الأمريكية؟! الخادمتان الإثيوبيتان المقرّبتان من الاميرة (شاهة) تجلسان في غرفتهما تتناولن المكسرات المحمصة وتتحدثان عن ملابس (شاهة). لا يقطع صمت المكان إلا عجلات سيارات الحراسة التي تجوب المنطقة، وهدير طائرة هيلوكبتر، التي عادة ما تكون على ارتفاع عال حتى لا تزعج الناس.
استيقظت (شاهة) بعد أن جاءها الخير من الله البارحة! واغتسلت وأيقظت الملك. تناولا الفطور معاً في الصالة الكبيرة. هاتف الملك مدير مكتبه كي يتعرّف على مواعيد اليوم. لبس ملابسه المكوية بعناية، واستلت له (شاهة) غترة جديدة من الدولاب الذي يعجّ بكل جديد. لبس الملك الغترة والعقال والبشت الأسود وغادر القصر تحفُّ به سيارات الموكب الرسمي بكل تخصصاتها ورموزها وأشكالها.
رمت (شاهة) كل ثقلها على الكرسي الوثير. واستحضرت الحوار الذي دار بينها وبين الملك الليلة الماضية! حامت حولها شكوك كثيرة؛ قاومتها. حاولت أن تتلهى بمجلة نسائية مركونه في حامل الجرائد. رمت المجلة على الأرض. جاءتها فكرة الاتصال بالصحافي (هذلول)!؟ طردت الفكرة خوفاً من أن يكون هاتفه مُراقب!؟ قفزت كلمة (مُراقب) بقسوة إلى عقلها!. أتكون أجهزة الأمن قد عرفت بمكالمتها – الليلة الماضية- للصحافي(هذلول)؟ ضغطت على الزر الكهربائي. وصلت الخادمة الأثيوبية التي عملت المكالمة من هاتفها. وقفت الخادمة مطرقة الرأس وقد شبكت يديها إلى الأمام. رفعت (شاهة) رأسها إلى الخادمة وهي تتفحصها بعينيها الواسعتين:
- أحد سوى لك مكالمة؟
- لا ستي.. (مهد) محد سوى مكالمة.
- يعني ما صاح تلفونك ولا مرة؟
ترددت الخادمة لبرهه؛ وكأنها تذكرت شيئاً؛ قالت:
- لا فيه (صاه) صاح بس مرة واحدة بس ما فيه (هد) حد تكلم!
فار الدم في رأس (شاهة). لقد عرفوا الرقم. حاولت أن تسيطر على أعصابها. ابتسمت للخادمة وقالت لها:
- زين.. روحي سووي لي قهوة!
أفردت الخادمة يديها المتشابكتين وتراجعت إلى الخلف وخرجت من المكان. توالى هجوم الأسئلة على (شاهة)؛ واستحضرت نظرات الملك لها وهو يتحدث عن (فازع)؛
- ماذا يعني سؤاله: في شيء شاغلك هالأيام؟!
سؤال غير تقليدي، خصوصاً في ظل علاقة الحياد واللاشوق بينهما!؟ ماذا تفعل لو كان هاتف (هذلول) مُراقباً وسجلوا صوتها؟! هل عرفوا رقم الخادمة واستجوبوها وهددوها؟! داخلها الخوف المثير. مصّت شفتيها الورديتين الشهيتين بقوة وأطلقتهما من بين أسنانها المرصوصة بكل عناية. شبكت يديها بعصبية وطرقعت أصابعها العشرة. لوت عنقها ذات اليمين وذات الشمال. جميع هواتف القصر تحت الرقابة. وهواتفها النقالة الأربعة لا تستخدمها إلا عند الضرورة، فالسكرتيرات يملأن القصر. ولا يمكن أن تتحدث لأي غريب أو غريبة دون الرسميين والأقارب. ظلت شهرين وهي تعاني الأرق ليلاً والخوف نهاراً. أخذت تتعاطى حبوباً مهدئة كي تخرج من تلك العواصف التي يسوقها إليها الأرق اللعين.
ذات ليلة خرجت وقد غطت وجهها إلى منزل إحدى أخواتها. أرسلت سائق أختها كي يبتاع لها شريحة هاتف مقدم الدفع. استغربت منها أختها، لكنها لم تسألها لماذا؟! بعد أن أحضر لها السائق الشريحة، اتصلت ب(هذلول). ردَّ عليها باقتضاب لخوفة من أن يكون هاتفه مُراقب أو تكون هي من جهاز الأمن. الخوف واجب في ظروف هذه المملكة. لم تعرف منه شيئاً سوى أن (فازع) مازال في السجن. وأن أحواله سيئة. كما عرفت في أي سجن هو. شكرته. كانت الأخت تسمع ما يجري مستغربة. سألت (شاهة):
- خير أم طلال.. شالسالفة؟
استندت (شاهة) إلى الجدار وهي سارحة بعيداً:
- فيه شاب مسجون.