رواية "فازع شهيد الإصلاح في الخليج"، أحداث هذه الرواية تقع في زمن افتراضي.. لربما ما بعد عام 2050. وفي مكان افتراضي في منطقة الخليج العربي. إن تشابهت شخصيات الرواية مع شخصيات في المنطقة حالياً فهذا ليس من عيوب الرواية. نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب فازع شهيد الإصلاح في الخليج
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

فازع شهيد الإصلاح في الخليج
ذات يوم كانت تنقر على (فأرة) الكمبيوتر، ودخلت على أحد المواقع المعروفة لتجد قصة (فازع) بكل تفاصيلها. دفعها حبُّ الاستطلاع إلى الدخول إلى أكثر من (رابط) كي تستكمل لديها الصورة. تعرّفت (شاهة) على ملابسات اعتقال (فازع) وكيف أنه جاء على خلفية كتابته موضوعاً عن العلاقات مع الولايات المتحدة، وهو ما أغضب السفير الأمريكي الذي أوعز للعسكريين في القاعدة بإلقاء القبض عليه، رغم أن ذلك يُعتبر من التدخل غير المسموح به في علاقات الدول، لكن سوء أوضاع الملك، وجبروت الأمريكان كان واضحاً في هذه القضية. ولقد اكتفى السفير الأمريكي بمهاتفة وزير الخارجية وإبلاغة بنبأ اعتقال (فازع) وأنه سوف يُسَلم إلى الجهات الأمنية بعد فترة. قامت منظمات حقوقية بمناشدة الملك إطلاق سراح (فازع)! وبثت فضائيات عالمية قصته بالتفصيل وبحوارات مستفيضة، إلا أن الصحافة والإعلام المحلي لم يتناولا الموضوع جرْياً على العادة في الثمانينيات في هذه المنطقة. وهذا ما حفّز (شاهة) أن تتعمق في القصة أكثر، وتسأل صديقاتها من الصحفيات عن قضية الاعتقال.
الأمور هادئة وطبيعية في هذه المملكة التي تختصر كل تناقضات العالم! فالحب موجود لأقصى درجة، والكراهية أيضاً موجودة لأقصى درجة! الغنى فاحش والفقر مُدقع. الشباب مأخوذون بالانتصارات الشبابية والموضات والأموال التي يغدقها عليهم الأباء بكل سخاء، ورجال الأعمال يخططون للمزيد من الأموال والاستثمارات، والمقاولون يخططون للفوز بالعطاء الضخمة – عبر شركات وهمية للنافذين من القريبين من القصر – والتي يكفي مبلغ أحدها للصرف على قبيلة كاملة طيلة بقائها حية لآخر رجل أو إمرأة!؟
الشاطئ الوادع يلامس وجه هذه البلاد المسترخية على يد الأمريكان، وطيور النورس تتكاثر دون انقطاع، والأشرعة البيضاء تجوب الشاطئ بكل حرية، ويخوت الأثرياء تتمخطر في الخليج بألوانها وطوابقها وأسمائها المنوعة. الأجانب من كل الأشكال والألوان يمارسون حياتهم الطبيعية بكل حرية على الشاطئ. الاسواق عامرة بكل جديد وغريب، الغالي والرخيص، الماركات العالمية المُكلفة وتلك المقلدَة من جنوب شرق آسيا والصين تتزاحم في المحال التجارية. فتيات الحجاب جنباً إلى جنب مع فتيات الجينز (السترتش) يتسابقن على التخلص من الدهون المُستوطنة للأرداف والبطون والصدور! الشباب يغوصون في البحر ويركبون الآلات الجديدة المثيرة. كبار السن – بعضهم يعضُّ بنان الحسرة – يتكئون على سواعد زوجاتهم نهاراً، ويركنون إلى الحبات الزرقاء والصفراء ليلاً، ولربما الإبر طويلة الأمد! الأغنياء يزدادون غنى، والفقراء يزدادون فقراً؟! رجال الشرطة الأنيقون يفرضون الأمن بوداعة وابتسامات. لا جرائم في هذه البلدة إلا السرقات الضخمة التي يتسترون عليها. ولا حبس دون جريمة، لكن الجرائم الكبيرة – والمالية منها على وجه الخصوص - لا تظهر على السطح، وتحلُّ ودياً عبر الهاتف. الناس قانعون بالنصيب والحكومة قانعة بما قنع به الناس!؟ إنها لا تريد تحريك المياه الراكة، طالما أن الكل راض ٍ بنصيبه!
ماذا فعل (فازع) حتى يدخل السجن؟؟!
داهم (شاهة) السؤال؟! وهل كتابة مقال عن الأمريكان يكون بتلك الأهمية حتى يدخلوه السجن!؟ إن الأمريكان ينتقدون حكوماتهم المتعاقبة، وتبث فضائياتهم وتنشر صحفهم انتقادات لاذعة بل وأخباراً حميمية عن الرؤساء – ومنهم بيل كلنتون مع مونيكا – وغيره من الرؤساء والرسميين. ثم إن كل دول العالم تنتقد القواعد الأمريكية في كل مكان، وتطالب الأمريكان بالرحيل، بل إن العائلات الأمريكية تكرّر دوماً بأنها تريد أن يعود أبناؤها لبلادهم ويكفيهم التشرد والموت والتشوهات منذ حرب فيتنام وحرب كوريا والكويت والعراق والمناوشات مع إيران.
استدركت (شاهة)! ولكن لماذا لم تتحرك قبيلة (فازع) المعروفة وتقدّم التماساً إلى الملك كي يطلقوا سراحه؟! لم تكن (شاهة) بتلك البلادة أو قِصر النظر كي تقوم بمفاتحة زوجها بهذه القضية، لكنها من الداخل تشعر بمسؤولية (ما) تجاه هذا المواطن الذي تعجبها كتاباته، وحبه لوطنه!؟ لقد مرّت ستة شهور على اعتقال(فازع). وفي كل ليلة كانت (شاهة) تأمل أن يتحدث الملك عن قضيته، لكن آمالها تخيب. فتذهب إلى الكمبيوتر وتلاحق المواقع بحثاً عن اسم (فازع).
ذات يوم تم استجواب (هذلول) الصحافي في الصحيفة التي يكتب فيها (فازع). وترجى (هذلول) المسؤولين كي يأخذوه ل(فازع). لكنهم رفضوا طلبه. عاد (هذلول) المسكين إلى الكتابة عن أثار القطارات المُعلقة على الصحة، وعن أخطار ناطحات السحاب ذات المئتي دور على المجتمع جراء سكناها من قبل الأجانب الذين يبثون ثقافات غريبة من المجتمع. وعن ضراوة هبوط أسعار البورصة، وعن نتائج المنتخب الوطني – الذي خرج من التصفيات الأولى رغم السبعين مليون دولار التي يدفعونها لمدربه البرازيلي الجديد - حيث لا وجع دماغ ولا استجوابات في هذه المواضيع.
قفزت إلى ذهن (شاهة) فكرة جنونية!؟ أن تتصل بالصحيفة وتطلب رقم (هذلول) كي تتعرف أكثر على قصة (فازع)؟! تراجعت عن الفكرة خوفاً من أن تكون الهواتف مُراقبة!؟ إن أجهزة المخابرات تعمل جيداً في المملكة!؟ ألحّت عليها الفكرة من جديد، وبأن تستخدم هاتف إحدى الخادمتين – بدعوى أن بطاريتها خالية – وفعلا اتصلت بالصحيفة وأخذت رقم (هذلول) الصحافي المسكين الذي يخاف من ظله. اتصلت به بعد أن وضعت غلالة فوق السماعة. بعد حوار قصير أغلقت الخط! لم تختلف قصة (هذلول) عن القصص المنشورة في مواقع الأنترنت. التهمة: التعرض للأمن الوطني والتنديد بالصديقة أمريكا ورئيسها!؟