كتاب " خطاب راكان في الزمان وأهله " ، تأليف باسل عبد الله ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب خطاب راكان في الزمان وأهله
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

خطاب راكان في الزمان وأهله
أجبت سريعاً مُتخطياً خجل الولد أمام والده: "أبي؟ أليست أفعال الفرد منا هي التي تحدد صفاته؟ وما جدوى إضاعة الوقت بطقوس لا تجدي نفعاً، إذا كان الله بالفعل يريدنا أن نكون ذوي فائدة على أرضنا هذه!"
أضفت معطياً الدليل على كلامي: "... هو شدّد على ذلك في كتاب جدنا ياوار!... ألا توافقني في الرأي؟"
بَدا والدي في تلك اللحظات كمن اقتنع نهائياً بخروجي عن طاعته. ومن دون أن يقصد هذه المرة، كادت عيناه تخرجان من وجهه. وبعد أن أقفلتُ بوجههِ جميعَ الأبواب، أصدر حُكمه عليّ بكلمتين أخيرتين واضحتين: "أنت كافر!"... ثم خرج من غرفتي موصداً الباب وراءه بكل قوة كمن يقفل باب السجن بعد أسره ألد أعدائه.
***
إحساسٌ غريبٌ انتابني رافقه ترددٌ فظيع...
فكّرتُ: "لماذا فعلت هذا؟ هل كان كلامي غير منطقي أو قاسياً مع والدي؟؟... لا لا بالطبع لا!!"
ثم أردفتُ في نفسي: "هل سيأتيني عقاب الله؟؟؟... هل سيفنيني؟؟... ألن أحصل على الخلود؟"
تابعتُ: "نعم نعم، بالطبع، لن أحصل على الخلود الأبدي! لن أحصل على الخلود الأبدي!"
ثم أردفتُ مجدداً: "لا أظن أن أهل جزيرة "نرَوا" قد كفروا به حتى أودى بحياة الآلاف منهم في انفجار بُركاني!... إنه لا يتدخل في حياتنا، هذا ما اقتنعت به أخيراً!... ولكن لا أستطيع أن أعرف ما قد ينتظرني منه بعد موتي!"
أسئلة بسيطة عديدة من دون إجابات طرحتها على نفسي كمن يمرُّ في حالة هذيان، بينما كان العرق يتصبب من جسدي. ولا أنكر، في تلك اللحظة إحساسي بأنني - كما قال والدي - كافرٌ بامتياز!
***
كنت في تلك اللحظات أمهد لأحد قرارين، متعاكسي الاتجاه. الأول ينبعث من داخلي ويشعرني بالذنب، يدفعني للتحرر من كل ما يحيط بي ونزعِ رداء تربيتي الدينية الاجتماعية عني. والثاني، يجرُّني إلى أن أعود إلى المعبد فأصلي لإله الجزيرة صلاة الغفران!!
اغرورقت عيناي بالدموع، ورغبتُ في الصراخ كمولودٍ جديد خرج تواً إلى الحياة، دون أن يعرف البتة ما ينتظره فيها! لكنني استدركت... وعبرتُ بطريقتي الخاصة عما جال في خاطري في تلك الأثناء!
أفرغت بالكتابة خواطر وصفتُ بها حالتي، فكتبت:
"لمن أصلي؟"، سؤالٌ غريب!
تبادرَ إلى ذهني وأنا أصلي
اقترفتُ ذنباً، وما عساي أجيب؟
عن لوعة طرحتها في سُؤالي
اقترفتُ ذنباً لما شككت
في ربانِ سفينتي الوحيد
وكي أكفّر عن تَساؤلي اعتذرت
وأعدتُ صلاتِيَ من جديد
أعدتُ صلاتي بكل اعتناء
علّني ألتقط إشارة ً أمامي
علّكَ تُطلُّ من خلفِ السماء
لتُعيدني في بُرهةٍ إلى إيماني
***