كتاب " في مرايا حانة " ، تأليف حسن ناصر ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
هو غريب مثل حمام الساحات
أنت هنا
قراءة كتاب في مرايا حانة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
في مرايا حانة
اللوح الثاني
اللَّـمعان
صداقة تهمس بها رُقُم الطين، ولم يمحها التنقل الطويل في أنفاق اللغات. آوتها النقوش الأنيقة على الطين، وظلَّت ترقد هناك حتى أيقظ أسماءها المنقبون.
لم يكن كلكامش قد استمع إلى طرقات الموت بعد. ننسون لا تموت. والكهنة الذين يحفّون به، لهم شيخوخة ضاربة لا تبيح لتغيرات الزمن الظهور على قسماتهم.
أوروك كلها كانت وهماً من أوهام الخلود. الأعوام الثمانية عشر التي عاشها كلكامش حتى ذلك الحين، كانت أبعد جموحاً من لجمة الموت. لحيته تنبت ونساء المعابد يعرفن أن ظهور اللحية يعني ظهور الآلام التي لا تعالج.
قال رئيس الكهنة لننسون:
ــ عذارى أوروك يشغلنه عن رؤية الحقائق وتشغلنه عن بناء السور، ما يحتاج إليه الملك هو قسوة القلب.. تعرفين أيتها الأم أن الحكمة لا تنبت إلا في قلب قاس.
لم تكن ننسون تصغي، ضائعة كانت في أحلامها الأخرى. وهبتها العزلة الطويلة شحوباً سماوياً وسط ذلك الطين. تعلَّمت أن ترضخ لحكمة الكهنة.. وتبتسم.
تبتسم لاقترابها الشديد من الألوهية، لم يعد لها زوج، وليس لها مَنْ تمنحه أمومتها. الأم التي لها ابن ملك لا ابن لها. الملوك بلا أمهات. تبتسم ننسون لأنها لم تعد حـيَّة.