أنت هنا

قراءة كتاب مذكرات أبو فريد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مذكرات أبو فريد

مذكرات أبو فريد

كتاب " مذكرات أبو فريد " ، تأليف اسبر البيطار ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

مقدمة

جوانب من صورة: «المقدَّم» إسبر البيطار (أبو فريد) [الجندي الشيوعي المقاوم ـــ أستاذ التدريب ـــ والصديق الأنيس]
محمد دكروب
ـ انبطاح!.. سدِّد!.. إرْمِ!.. (بعد قليل، يرتفع صوت أبو فريد، بحزم).. إنتباه!.. زحف الضفدعة!.. إلتصاق تامّ بالأرض.. (زحف الضفدعة: هو أن تزحف كما لو أنك تزحف تحت أسلاك شائكة، ملتصقاً بالأرض، محاذراً أن يعلق جسمك بالأسلاك المدبّبة!)..
... ويواصل أبو فريد تدريباته الصباحية، بصوتٍ فيه كل الحزم وكل الودّ، معاً...
التدريب هو التدريب، لا مزاح هنا!.. أما خلال فترة الاستراحة، فيعود أبو فريد الى طبيعته: إنساناً ودوداً، مرحاً، ساخراً، في نبرة رجولية عكّاريّة، وبنظرات وإشارات طفولية مؤنسة.
المدرّب «المقدَّم» ـ (هكذا كنّا ندعوه، ولكنه في الواقع: رقيب أول) ـ إسبر البيطار (أبو فريد) أحببناه كثيراً، في حالات الحزم وحالات المرح وحالات التنكيت على الرفاق، ومع الرفاق.
* * *
كان هذا خلال أحداث العام 1958.
تلك الأحداث التي اتخذت صفة: «ثورة شعبية» ضد حكم كميل شمعون ... وهي، في جانب أساسي منها: انتفاضة وطنية ضد التحرّك الأميركي الهادف لأن يتولّى قيادة القوى الاستعمارية كلها في المنطقة، أولاً ـ وتالياً: لإحكام سيطرة شاملة على البلدان العربية تحت مسمّيات عديدة منها، مثلاً، الارتباط بـ «حلف بغداد» أو بالاتفاق العسكري مع أميركا والدخول في الحلف المسمّى: «مبدأ إيزنهاور» و «حماية» البلدان العربية من «الشيوعية الدولية» التي ستصبغ العالم كله باللون الأحمر ـ والعياذ بالله! ـ أما الهدف الأساس، المباشر، في واقعه وحقيقته، فهو: تطويق الاتحاد السوفياتي، في حينه، ومحاصرته، ضمن سياق حرب باردة قد تتحوّل الى حرب أو حروب ساخنة، هنا وهناك... لضمان استمرار السيطرة الأميركية على المنطقة.
كان الجو متوتّراً في لبنان ـ وفي المنطقة! ـ كما لو أن حدثاً كبيراً ما سينفجر في مكان ما، مجهول!..
... وكان أن تفجّر حادث اغتيال الصحفي نسيب المتني (يوم 8 أيار 1958)... وكأنه أريد لهذا الحدث أن يكون هو «إشارة الانطلاق»، فاندلعت الأحداث الساخنة وراحت تتفجّر هنا وهناك!...
وبدأ يبرز، بوضوح، انقسام القوى واصطفافها: قوى تدافع عن الحكم الشمعوني وتدفع في اتجاه إخضاع الوطن للسيطرة الاستعمارية (الأميركية أساساً) تحت يافطة «حلف بغداد» أو «مبدأ إيزنهاور» بوجه «الشيوعية الدولية»!.. وقوى تقاوم هذا الحكم الشمعوني وأسياده الانكلو أميركيين، وتناضل من أجل إنقاذ الوطن وتحريره من أخطار هذه السيطرة الاستعمارية واستعادة الاستقلال الوطني.
الحزب الشيوعي اللبناني كان في القلب من هذه المعركة التحرّرية.
وقد استطاع، تدريجاً، أن يحصل على السلاح من هنا وهناك، وأن يقيم مراكز له، مسلحة وغير مسلحة، ضمن المناطق المقاومة لحكم كميل شمعون، ثم استطاع أن يقيم مركزاً عسكرياً أساسياً، في البناء الواسع لمدرسة «عائشة ام المؤمنين» الواقع في منطقة «قصقص» أول «حرش بيروت» المواجه مباشرة لتواجد مراكز تابعة للقوى الشمعونية. وكانت مهمة هذا المركز: التدريب والتوجيه وتجميع القوى وتنظيم التحركات الشعبية والمسلّحة ضد عناصر الحكم الشمعوني.
ومع الأيام، استطاع هذا المركز استقطاب المئات من الوطنيين الذين رأوا في الحزب الشيوعي موجهاً سياسياً ومساعداً في إعدادهم وتدريبهم على أعمال المقاومة الشعبية بما فيها التدريب على السلاح وطرائق استخدامه. وصار هذا المركز أكثر جذباً للمئات من العناصر الوطنية عندما انضمّ الملازم ـ (وكما أتذكّر فإن بعضنا، وأنا منهم، كان يدعوه «الملازم» وبعضنا الآخر كان يدعوه «المقدَّم») ـ اسبر البيطار وعدد من الجنود الشيوعيين الى قوى «المقاومة الشعبية» ضد حكم شمعون، وتولّى أبو فريد القيادة العسكرية للمركز وتنظيم التدريب ليس فقط لقوى الحزب الشيوعي، بل للعديد من القوى الوطنية في المراكز التابعة لها.
فكيف وصل الملازم اسبر (أبو فريد) الى المركز العسكري للحزب؟
* * *
في خلال فترة من الإعداد الهادىء، الدقيق، والسرّي جداً، حزم أبو فريد أمره، مع عدد من رفاقه الجنود، وغادروا مراكزهم في الجيش، وانضمّوا بالتدريج، وحسب الخطة المرسومة، الى قوى المقاومة الوطنية الشعبية، وقوى الحزب الشيوعي اللبناني، وتمركز أكثرهم في المركز الأساسي، المسلّح، للحزب في منطقة «الحرش».. وبدأوا نشاطهم التدريبي، والقتالي، حيث شكّلوا حالة خاصة، متقدمة، في طليعة القوى المقاومة لحكم كميل شمعون وللقوى الانكلو أميركية التي تستخدمه للسيطرة على لبنان وامتداداً منه الى المنطقة.

الصفحات