أنت هنا

قراءة كتاب السيرك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السيرك

السيرك

رواية "السيرك" للكاتب والصحفي الفلسطيني علاء حليحل، والحائزة على جائزة مؤسّسة عبد المحسن القطان للرواية عام 2002، الرواية كما يقول الكاتب: "هي عبارة عن توليفات متقاطعة لعدة شخصيات، ولكن من ورائها أسئلة ومقولات تخصّ الهوية الفلسطينية ـ العربية في داخل مناطق

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: علاء حليحل
الصفحة رقم: 2
كان يهزّ رأسه دلالة التفهّم ويصبّ له المزيد من البراندي الرخيص. أنور يخلد إلى النوم رأسًا إذا سكر- وهذه كأس أخرى. "هاي سمير.." كانت عبلة وخالد حمزة يتجهان نحوه وكانت ابتسامة المنتصر (تعرفونها) توسّع من عرض شاربيْ العريس الجديد. "أهلا، أهلا.." ابتسم وصافح الاثنين. "متى عدتما؟.." "قبل يومين"، أجابت عبلة باحتفالية وسرور، "لقد كان شهر عسل رائعًا، لا يمكنك أن تتخيل مدى روعة أمستردام في المساء.."
 
"أسمح لنفسي بالتخيل"، قال سمير مبتسمًا. "هل سافرتَ إلى اوروبا مرة؟"، سأل خالد وهو يشعل سيجارة. "أجل، أكثر من مرة. كان ذلك"- "أما ڤيينا"، قالت عبلة وكأنّ سمير وخالد لم يتحدثا مطلقا، "فهي شيء لا يُصدّق. دار الأوبرا هناك تسحر الألباب. أليس كذلك حبيبي؟"
 
شبكت ذراعها بذراع خالد الموضوعة في جيب بنطاله. "بالطبع، بالطبع.."، هزّ رأسه مبتسمًا. "سمير، سمير"، جاء صوت د. حكيم من طرف القاعة المقابل. "حالا"، أشار سمير بيده، "أعذروني." "تفضل"، أجاب خالد. في طريقه إلى الدكتور حكيم انضمت إليه "الناقدة الفنية". "لقد تزوجتْه عبلة إذًا؟" "نعم." "كيف تشعر؟" توقف عن المشي. "ماذا تقصدين؟" "يعني، الكل يعرف عن قصة حبكما." "لم يكن حبًا." "علينا؟"، قالت بدلع. "لا عليكم ولا على حدا." "إذًا ماذا كان؟" "جنسًا صافيًا"، قال وهو يتجه نحو الدكتور. حاولت "الناقدة الفنية" ألا تنظر إلى الواقفين بجانبها وهم يتطلعون باستفسار إليها بما يعني: أيّ جنس؟ كان د. حكيم يقف مع شابين وصبية يدرسون الفنّ في الجامعة. ومما سمعه سمير حين وصوله خمّن أنّ المحاضرة التي كان د. حكيم (كان يحب تسميته حين يستغيبه: الدال نقطة ابن الزانية) مُسترسلا فيها لم تكن على وشك الانتهاء. "تعال يا سمير"، قال د. حكيم وهو يمصّ غليونه بتلذذ، "الجيل الجديد بحاجة إلى سماعك." "يكفيهم أنت يا دكتور"، قال مبتسمًا. ضحك الدكتور بلذة وتوجه نحو الثلاثة: "الفن الحديث لم يُولد من فراغ. أسُسه وبراعمه الثورية ابتدأت منذ أواسط القرن السابع عشر. أتذكر يا سمير ذلك، أم أنّ ما علمتك إياه في الدروس يتبخر مع الكحول التي تشربها؟" "أبدًا، أبدًا دكتور"، قال مبتسمًا بصعوبة، "من ينسى دروسك الشيقة؟" "ها ها"، قهقه الدال نقطة (ابن الزانية) بتلذذ. في تلك الأثناء كانت "الناقدة الفنية" قد اقتربت هي الأخرى من اللمة حول الدال نقطة. لم تمضِ برهة وإذ بالدال نقطة يقطع محاضرته فجأة كالملسوع ويلوّح بيده بحرارة كقميص مُبلل على حبل في مهب الريح. "جولي.. جولي.. جولي!" كانت جولي امرأة جميلة (جميلة جدًا، لاحظ سمير بعد قليل)، في أواخر الثلاثينات من عمرها، شقراء بعض الشيء، طويلة بما فيه الكفاية لئلا تشترك في قبلة هوليوودية كلاسيكية. لاحقًا، لاحظ أنها بدينة بعض الشيء في الأماكن المخفية تحت ستراتها الطويلة أبدًا. "جولي، بحق السّماء، ماذا تفعلين هنا؟"، قال بإنجليزية تليق بشرقيّ. "دوكتور هاكيم.. يا لها من صدفة رائعة.." ردّت بإنجليزية تليق بفرنسية. إنها المرة الأولى التي يرى فيها سمير الدال نقطة يعانق امرأة، وجميلة أيضًا. يبدو المشهد مسليًا بعض الشيء: الدال نقطة ابن الزانية قصير القامة، شديد البدانة ومنتظم الشاربين، يعانق امرأة أطول منه بما لا يقل عن 20 سنتيمترًا ويحاول قدر الإمكان الوصول إلى خديها من دون مضايقتها بكرشه العملاقة. "ماذا تفعلين هنا؟.. متى جئت؟.. كيف لم تخبريني؟.. متى ستغادرين؟.. هل عرفتك على سمير؟.." "مهلا"، ضحكت جولي، "أيّ جواب تريد أولا؟" "كلهم!".. قهقَهَ الدال نقطة ابن الزانية بمرح طفوليّ صافٍ. لا يذكر سمير الدال نقطة في لحظة انتعاش كتلك. "أوه دوكتور.. أنت لا تتغير." "دعيني إذًا أعرّفك أولا على سمير الخالدي. فنان شاب ولامع.. تحفة فنية بحدّ ذاته.. تذكّري هذا الاسم جيدًا."

الصفحات