أنت هنا

قراءة كتاب السيرك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السيرك

السيرك

رواية "السيرك" للكاتب والصحفي الفلسطيني علاء حليحل، والحائزة على جائزة مؤسّسة عبد المحسن القطان للرواية عام 2002، الرواية كما يقول الكاتب: "هي عبارة عن توليفات متقاطعة لعدة شخصيات، ولكن من ورائها أسئلة ومقولات تخصّ الهوية الفلسطينية ـ العربية في داخل مناطق

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: علاء حليحل
الصفحة رقم: 5

الاحتمال عكّر شيئا من صفو هدوئهما. "أميرة"، قال عباس بهدوء. كان سمير يعيد في تلك الأثناء السيجارة إلى عباس، فمرّت لحظة أو اثنتان نظر خلالهما مليًا إلى عباس مغلق العينين. لم ينتبه عباس إلى يد سمير الممدودة بالسيجارة فلمس سمير كتفه وهزّه هزة صغيرة. استدار عباس ناظرًا إلى سمير الذي سارع إلى إرجاع رأسه إلى الوراء والنظر صوب الباب. "ما بها؟" "تحيّرني كثيرًا"، أجاب قبل أن يسحب نفسًا طويلا سقطت يده اليمنى على أثره إلى الأرض. لم يستحثه سمير على الاستمرار لانشغاله بسحب الأنفاس الأخيرة من السيجارة. "تحيّرني كثيرًا"، قال عباس ملتفتا إلى سمير، "فساعة تراها فرحة سعيدة تقفز عليّ بين الحين والآخر تعضّني وتستفزني وساعات أخرى كثيرة تقضيها أمام التلفاز صامتة باردة كأنّ ثورًا مثلي لا يشاطرها الغرفة.. أتفهم ما أعني؟" "أجل أفهم، أعتقد"- "وليس هذا فقط. لقد أصبحت أسئلتها عن الزواج مربكة حقا. فمرة تسألني عن المتجر الذي سنشتري منه البدل ومرة تفقعني محاضرة طويلة عن اللاجدوى الكامنة في صلب أكثر مشاريع الإنسانية فشلا على الاطلاق: الزواج." "أعتقد أنّ ذلك"- "هل ملّتني؟"، قال عباس ناظرًا إلى سمير بحزن. كان كمن يستجدي الكلمة "لا" منه. سمير لم يجبه. "هل تعتقد أنها لم تعد تحبّني، ربما لأنّ وزني زاد بعض الشيء؟" نظر الاثنان رأسًا إلى بطن عباس. كانت بوادر كرش قد برزت من تحت القميص. "لا أعتقد ذلك"، همهَمَ سمير، "على كل لا تبدو لي سمينا بالمرة." نظر عباس مرة أخرى إلى كرشه الصغيرة. أعاد رأسه إلى الوراء ساندًا إياه إلى الحائط. سحب نفسًا لذع شفتيه وحمله على السّعال بشدّة. احتقن وجهه وجحظت عيناه واحمرّتا. مرّت فترة حتى استعاد تنفسّه الطبيعيّ وضرب على رجل سمير بشدّة، كعادته الأزلية. "ألن تعود إلى ضيوفك؟"، سأل عباس وهو يلقي ببقايا السيجارة إلى المغسلة. كان الاثنان جالسيْن على البلاط البارد يسندان ظهريهما إلى الحائط ويبتسمان. "ضيوفي؟.. أنت ضيفي العزيز"، وخبط رجل عباس بيده. ضحكا بصوتٍ عالٍ. "لو أنك سمعت الدال نقطة ابن الزانية الذي افتتح معرضي.. لقد تحدّث عني كمناضل، أسمعت؟.. سمير مناضل!" وانفجر ضاحكًا. قام عباس بصعوبة، وقف متّزنا ما استطاع ثم رفع يده اليمنى إلى جبينه وصاح: "سلام مربّع لقائد الثورة العربية." قام سمير بصعوبة، وقف قبالة عباس وقال وهو يكتم ضحكته بصعوبة، رافعًا يده اليمنى إلى جبينه: "سلام مربّع!" "أميرة، أنظري، لقد جُنّ الاثنان"، قالت سلمى علي وأشارت نحو عباس وسمير. كان عباس يتقدم سمير وكلاهما يمثلان جنديًا يحمل بارودة ويخبط رجليه في الأرض بشدة؛ كانا يضحكان كمن راحا في غيبوبة...

الصفحات