رواية "السيرك" للكاتب والصحفي الفلسطيني علاء حليحل، والحائزة على جائزة مؤسّسة عبد المحسن القطان للرواية عام 2002، الرواية كما يقول الكاتب: "هي عبارة عن توليفات متقاطعة لعدة شخصيات، ولكن من ورائها أسئلة ومقولات تخصّ الهوية الفلسطينية ـ العربية في داخل مناطق
أنت هنا
قراءة كتاب السيرك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
المحيطة ومن التاريخ والذاكرة. "هذه اللوحات المعروضة اليوم تعبّر عن اختلاجات سمير وأفكاره، عن اختلاجات كل عربي في هذا الوطن. لا اعلم ما إذا انتبهتم، ولكنّ الأحمر والأخضر والأسود تطغى على الأعمال وتكون في اللاوعي الراية التي توحّدنا. وحتى لو كانت المسيرة السلمية تمرّ اليوم بأزمة كبيرة إلا أننا جميعًا واثقون من نجاحها وواثقون من أنّ الدولة العتيدة قائمة لا محالة. "يمكننا أن نختلف في الآراء وأن ننقسم إلى أحزاب كثيرة، ولكن وحدتنا -صدقوني- أقوى من كلّ الاختلافات وأرسخ من كل الجدالات. سمير اليوم يعطينا الاشارة بألوانه إلى حتمية وجودنا واستمرارنا في هذا الوطن، ويدعّم بعزم وإرادة أسس بقائنا العنيد. إسمحوا لي بأن أسمّي سمير بالمناضل. أجل، مناضل. مناضل عنيد أصيل يسخّر ريشته وألوانه لخدمة القضية وخدمة الجماهير العربية".
*
"قليل فقط، قليل آخر فقط.." كان سمير يقول وهو يمسح بقايا الدم عن وجه عباس. "دعني يا رجل، من يراك يظن أنها المرة الأولى التي أقع فيها." "إجلس هنا. استرح." واستراحا على الأرض. "أعذرني لأني تأخرت، آخ يا رأسي، دماغي ستنفجر.. طارت السكرة." "لا تقلق، سنعيدها بعد قليل." "لقد أخّرتني أميرة.. أين هي؟"، وهمّ بالوقوف. "لا تقلق، إنها في القاعة تحيي الموجودين." "لا أعرف ما الذي يشدك إلى هؤلاء الناس..." "لن نبدأ الآن!" "لا، لن نبدأ"، قال عباس ضاحكًا. مدّ يده إلى جيب السترة وأخرج علبة كبريت ولوّح بها. "صنف جيد؟"، سأل سمير. "جيد؟.. ولا في الأحلام."
أخرج عباس علبة سجائره وأخرج سيجارة وأفرغها من التبغ. كان سمير يرقب عباس بصمت وهو يخلط الماريحوانا بالتبغ ويعيد الخلطة إلى ورقة السيجارة ببطءٍ وبتلذذ. بعد أن صلُبَ عود السيجارة أخرج عباس "الفلتر" وسحب من علبة الدخان قطعة كرتون، دحرجها وأدخلها مكان "الفلتر". "لعيونك"، مدّ بالسيجارة إلى سمير مبتسمًا. أخرج سمير قداحته وأشعل السيجارة ثم سحب نفسيْن متتالييْن. "على كيفك"، قال لعباس وسحب نفسًا آخر. الأنفاس المتتابعة والسيجارة المتنقلة من إصبعين إلى إصبعين جعلتهما يسترخيان ويحدقان في باب المراحيض المغلق كأنهما ينتظران أحدًا سيدخل فجأة- وليس أنّ هذا