كتاب " شمس القراميد " ، تأليف محمد علي اليوسفي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب شمس القراميد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
شمس القراميد
بوسطل، شاويش الجبس
لست أدري لماذا وُلِدَ بوسطل قصيراً، سميناً، ضيّق الكتفين، عريض الخصر، يمشي فتلوح ساقاه القصيرتان متقوّستين نحو الداخل. وهكذا يتفرّغ إلى حكّ رأسه، وهرْش بطنه، مفكّرا في حلٍّ آخر، لمشكلة جديدة. لكن كلّ مشكلة يصنعها، أو يجدها، تبقى صغيرة دائماً، لأنه يستطيع حلّها، أو تأجيل حلّها، واستبدالها بمشكلة أخرى: "لا بد من مشكلة أصعب حتى يتقدّم المخّ!"
رأيته يحمل علبتْين؛ إحداهما مملوءة جبساً والثانية مملوءة ماءًا، وهو يستطيع، إذا لم يسرق الجبس، أن يملأ علبته بالطّين. يسدّ بيوت النمل، ويقول إنّ المغناطيس يجعل النمل بغيّر أبوابه. كما يصطاد الجعلان ويرصّع بها الجدران، فيدفن أجسامها تحت الجبس ويترك رؤوسها خارجَهُ.
لكنّ المشكلة الصّغيرة التي ظلّ يؤجِّلها دائماً، هي محاولته حبس شقيقي في حفرة كبيرة.
لقد اضطرَّ إلى تجهيز سطل كامل من الجبس ليصطاد أخي، مرّة في حفرة، ومرّة في تجويف شجرة. لكنّ بوسطل الذي سمّاه أخي "شاويش الجبس" يخرج ملطَّخاً دائماً، وينسحب مبلولاً، لاعناً ثم يعيد الكرَّة بعد تأجيلها.
أسأله وهو يتعثر ورائي:
- لماذا تصرّ على اصطياد أخي؟
- لأّنه لا يطرق الأبواب ويثرثر من ثقوبها.
- كيف عرفت ذلك وأنت لم تره؟
- وكيف أراه وهو لا يطلّ إلا من الثقوب؟
عندئذ أخرج له لساني:
- دَعْنِي، يا بوسطل، دعني أثرثر مع أخي حتى ينتهي الجبس من العالم.