كتاب " مشاهدات في السينما العالمية " ، تأليف جاسم المطير ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب مشاهدات في السينما العالمية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

مشاهدات في السينما العالمية
أحلام محمد الدراجي..
حاز فيلم «أحلام» الجائزة الأولى في فئة الأفلام الطويلة في مهرجان الخليج السينمائي، للمخرج العراقي محمد الدراجي. أسعدني الخبر وأفرحني. لا شك أنه أسعد وأفرح كل العراقيين وفي مقدمتهم الفنانون السينمائيون.
لكن، وكما هي طبيعة الشر والأشرار، فإن العديد من «الفنانين» العرب لا يريدون للفنانين العراقيين وللسينمائيين العراقيين أن يسعدوا أو يفرحوا. ظهر واضحاً على منصة المهرجان وأروقته مع الأسف الشديد بعض السينمائيين «العرب» حاملين في جعبتهم الهجومية على «أحلام» العراق التي جسدها سينمائياً إبداع المخرج السينمائي محمد الدراجي في فيلمه الذي نال الجائزة الأولى التي يستحقها. لم يحمل هجومهم تحليلاً فنياً ولا محاولة التعرف على مدى قدرات وسيطرة هذا الفنان السينمائي العراقي ولا على وسيلته الإبداعية، بل عبّروا في هجومهم الضعيف عن دفاع متجمع على نفسه للتعبير عن أرثوذوكسية فنية، وثنية، رحلت في العراق مع رحيل نظام صدام حسين صاحب النظرية الطغيانية في السياسة والحروب والآداب والفنون كلها بما فيها فن السينما..
لقد حرص فريق عمل الفيلم السينمائي العراقي الطويل «أحلام» على دعوة أكبر عدد ممكن من المخرجين والإعلاميين والحضور، لمشاهدة الفيلم الذي عرض عند العاشرة من مساء يوم 17/4/2008 في سينما سيني ستار بمول الإمارات. النتيجة كانت جمهوراً يكاد يكون الأكبر بين المشاهدات المتواصلة للأفلام المعروضة في المهرجان، لا سيما وأن القائمين على الفيلم اجتهدوا في طباعة ملصقات وتثبيتها في مختلف المواقف، لدعوة الجمهور وتذكيرهم بالفيلم.
ما لم يكن في الحسبان، هو حجم الاختلاف والسجال الذي دار ناقداً الصور واللقطات الواقعية التي عرضها الفيلم، رغم الإقرار والإعجاب الجماعي بالتقنيات والفنيات السينمائية حيث شهد الجميع بتنوع أفكار المخرج محمد الدراجي.
لكن بمجرد أن أسدلت ستارة النهاية على الفيلم انهال عدد من المخرجين العرب بنقد طغياني على فريق العمل في فيلم «أحلام» الذي أظهر كثيراً من اللقطات السياسية الناقمة على نظام صدام حسين. راح البعض يلوم مخرج الفيلم وممثله في المهرجان والبطل الرئيسي، لكونهم أسهبوا في التنقيب عن بربرية الدكتاتور صدام حسين وأتباعه في لقطات تصويرية عاطفية مجردة من الإنسانية، دونما إظهار سلبية الدور الأميركي في العراق. كأن هؤلاء اتفقوا على أن يحرموا الفنان العراقي حتى من «أحلامه» في السينما..!
أحد المخرجين العراقيين استوقف المتحاورين من «الإخوة الأعداء» داعياً إياهم للخروج من «دائرة» السياسة والتعامل مع الفيلم من «زاوية» السينما، لكنه لم يتمكن حينما أصر البعض على انتقاد الرسائل التي حملها الفيلم، فاضطر ذلك المخرج لمغادرة قاعة العرض رافعاً صوته اعتراضاً على طبيعة النقاش الدائر..!
لقد تخبط المنتقدون وهم لا يدركون حقيقة المرض الذي تركه صدام حسين في الجسد العراقي طوال 35 عاماً لا عدالة فيه ولا قيمة إنسانية.
بعضهم قال كلاماً فيه التعدي الواضح على تاريخ نضال الشعب العراقي ضد الدكتاتورية.
وبعضهم قال كلاماً فيه غرائز وشهوات صدام حسين وشروره.
آخرون قالوا ظنوناً هشة وسطحية وعابرة عن نظام هلك يريدون إبقاءه حياً من خلال الفن السينمائي وهو الفن الأكثر صعوبة والأكثر قدرة على المساهمة في إلهام الناس وتنويرهم. أولئك وأمثالهم من مدّاحي نظام صدام حسين أرادوا قتل موهبة المنهج السينمائي التوليدي الذي تحقق في فيلم «أحلام» ومخرجه محمد الدراجي، وقد برهنوا عن كفاءتهم السينمائية وجهلهم السياسي وقد حشروا أنفسهم حشراً أنانياً، دون مراعاة، ولامبالاة، داخل اللوحة المظلمة التي رسمها صدام في الحياة العامة لسكان وطن الرافدين العادلين.
ليس لي من قول سوى رسالة أوجهها لأيتام صدام حسين، أن طبيعة الإنسان ليست كطبيعة الحيوان إلّا في جدلية الدكتاتور، وأن الفنان الحق هو الذي يكرس فنه لخير المحكومين للخلاص الأبدي من الحكم الظالم..
وتحية إلى محمد الدراجي مبدع النفحة الجديدة في السينما العراقية.
ومختصر الكلام هو: أن في قلب العراقي الأصيل محمد الدراجي زهرة لن يتمكن الأشرار من أن يخطفوها..!