أنت هنا

قراءة كتاب مشاهدات في السينما العالمية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مشاهدات في السينما العالمية

مشاهدات في السينما العالمية

كتاب " مشاهدات في السينما العالمية " ، تأليف جاسم المطير ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

ثقافة البيئة في أول مهرجان سينمائي عربي

يواصل الناس في كل مكان على سطح الكرة الأرضية وفي أجوائها وأعماق بحارها جهودهم اليومية المتزايدة من أجل تعرية طبيعة الأرض جميعها واكتشاف كنوزها. وتعتمد هذه الجهود على خطوات كبرى متسارعة حسب صيرورة التصنيع واستخراج المعادن وتنظيم المصارف المائية وحفر المناجم وإزالة الأحراش وزراعة الحقول. وفي كل هذه الفعاليات استخدمت التقنيات الجديدة والمواد الكيماوية السامة وغير السامة وكثير من الأدوات والآلات ذات التراكيب والنتائج المتنوعة والمختلفة.

في ظل هذه التغيرات الكبرى تنامت بسرعة أيضاً ثقافة إنسانية من نوع جديد هي «ثقافة البيئة» التي قامت على ضرورة انتباه الإنسان إلى احترام روح الكرة الأرضية وصون عوامل حساسيتها بإيجاد قيم أخلاقية لا تؤذي حياة البشرية.

وقد شهدت العقود القليلة المنصرمة اهتماماً عالمياً بالحركة البيئية وبالثقافة البيئية وقد انتقلت هذه الحركة وهذه الثقافة إلى ميدان الإنتاج السينمائي حيث بالإمكان استخدام السينما كوسيلة وثائقية وروائية لتطوير نظرة الإنسان إلى البيئة والمحافظة على نظافتها وسلامتها وأن تكون الممارسات الجماعية سواء أكانت ممارسات أجهزة الدولة أم المؤسسات الرأسمالية الصناعية خالية من نماذج الهيمنة على مستقبل صحة البشرية مقابل السعي وراء المصالح الربحية الضيقة.

توحي بعض التجارب السينمائية في أوروبا وأميركا أن الفيلم السينمائي الوثائقي يمكن أن ينهض بدور ثقافي لنشر الأخلاق البيئية لكي تتجنب «الأرض أم البشر» كوارث محتملة بما يمكن أن توجهه من نقد للذهنية النمطية لرجال الأعمال الذين لا يهتمون فكرياً بالتأثيرات البيئية التي قد تصيب البشر بأضرار متواصلة.

من جهتها فإن السينما العربية تحاول للمرة الأولى جدياً تكثيف العقل السينمائي العربي بهذا المسار لنشر المبادىء الضرورية المتعلقة بــــــ «الإنسان والبيئة» كي تحث المجتمع العربي على اتباع تدابير الحد من التلوث. فليس من حق إنسان أن يؤذي جاره وليس من حق أي مؤسسة صناعية أو زراعية أو تجارية الإضرار ببيئة المجتمع لمجرد توفير بعض المال أو توفير الربح الأعلى، فالجماهير تحتاج دائماً إلى الضغط الثقافي على الدولة لاتخاذ التدابير العامة ضد الملوثين من كل نوع.

ضمن هذا الهدف وهذا السياق تمت محاولة استخدام فعاليات مهرجان النيل السينمائي الأول الذي استضافته القاهرة في الفترة من 5 إلى 10 حزيران/يونيو 2007 وهو أول مهرجان مصري سينمائي متخصص لأفلام البيئة بمشاركة نحو 60 فيلماً روائياً وتسجيلياً من 15 دولة عربية وأجنبية منها مصر وعمان والكويت والإمارات والولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا وكندا والصين والهند وبريطانيا وإندونيسيا وإقليم كوسوفو..

ضمن الاحتفال باليوم العالمي للبيئة اختتمت في القاهرة الأحد 10/6/2007 فعاليات الدورة الأولى لمهرجان «النيل» الدولي لأفلام البيئة، الذي أقامته الجمعية المصرية للارتقاء بالذوق الفني وتنمية البيئة وهو أول مهرجان من نوعه في مصر والشرق الأوسط. ترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الناقدة الفرنسية ميشيل لوفيو، وضمت في عضويتها 6 سينمائيين بينهم النجمة المصرية ليلى علوي، بينما رأس التونسي فتحي الخراط لجنة تحكيم الأفلام التسجيلية التي ضمت أربعة بينهم المخرج الفلسطيني سعود مهنا والناقد المغربي عمر الفاتحي والمخرج المصري مُسعد فودة.

قال المهندس ماجد جورج وزير الدولة لشؤون البيئة إن مهرجان النيل الدولي للأفلام البيئية حقق واحداً من أهم أهدافه، وهو تضمين المفاهيم البيئية في الأعمال الفنية عامة والسينما بصفة خاصة والاستفادة مما طُرح من أفكار وقضايا من الدول المشاركة، وأن قضية البيئة والحفاظ عليها أصبحت اليوم على أجندة اهتمام العالم بأسره شعوباً وحكومات، مما يستلزم حشد كافة الطاقات والبرامج لمواجهتها، وأوضح أن للفن رسالة ثرية عميقة في وجدان الناس، فهو يُحرك مشاعرهم ومن ثم فإن رسالته السامية هي التغلغل وتغيير سلوكيات المجتمع نحو الأفضل، مؤكداً أنه مهما سُنّت التشريعات والقوانين لحماية البيئة ووضعت الآليات لتطبيقها، فإنه يبقى دائماً في وجدان الشعوب وسلوكياتها ما تحدثه لمسات الفن وتأثيراته.

في ختام الاحتفال.. قام المهندس ماجد جورج والفنان مصطفى حسين بتوزيع شهادات التقدير والجوائز على الأفلام الفائزة في المسابقة بالمهرجان، وتقديم شهادة تقدير للفنانة المصرية سميرة أحمد وتنصيب محمود الخطيب نائب رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي سفيراً للبيئة الذي أكد أنه سيعمل على حث الشباب المصري على الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث، وسينادي في جميع المحافل والنوادي الشبابية والتجمعات لرفع شعار حماية البيئة في أرض مصر.

فيما يتعلق بجوائز المهرجان كانت نتائج لجان التحكيم كما يلي:

فاز الفيلم الصيني «أخي الشجرة» بجائزة هبة النيل الذهبية لمهرجان النيل الدولي لأفلام البيئة، لتأكيده بأسلوب سينمائي رفيع أهمية الماء كعنصر أساسي لحياة الإنسان والبيئة وجمالية التصوير والحبكة الدرامية، فيما فاز الفيلم الهندي «امتلاك» بجائزة هبة النيل الفضية، لتركيزه على صعوبة تعايش المرأة وتناغمها داخل هذه البيئة.

منحت اللجنة جائزة لجنة التحكيم الخاصة مناصفة للفيلم المصري «جحيم تحت الأرض» لنادر جلال، الذي يعالج قضية الألغام التي زرعتها القوات المتحاربة في الحرب العالمية الثانية عام 1942 في منطقة العلمين شمال مصر والتي ذهب العديد من أبناء الشعب المصري ضحيتها، وفيلم «مخرج» للينديتا سيكيراج من كوسوفو، ويحكي عن معاناة الشعوب بسبب الحرب.

في مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة والقصيرة، أعلن رئيس لجنة التحكيم الدولية رئيس مهرجان قرطاج السينمائي فتحي الخراط فوز الفيلم الكويتي التسجيلي الطويل «المحميات الملاذ الأخير» بذهبية المسابقة، في حين فاز الفيلم الإيطالي «المياه» بالجائزة الفضية مع منح الفيلم الهندي «رقصة لاما» شهادة تقدير خاصة من لجنة التحكيم.

أما بالنسبة للأفلام التسجيلية القصيرة، فاز الفيلم العماني «شجرة القرم» بذهبية المسابقة، وحصل على الجائزة الفضية الفيلم المصري «نداء الصحراء»، وحصد الفيلم الجزائري «بين البحر والرمال» جائزة لجنة التحكيم الخاصة، ومنحت لجنة التحكيم شهادة تقدير خاصة لكل من الفيلم المصري «همس الخيل» والفيلم الإندونيسي «رامبا»، وتم التنويه بشكل خاص بأفلام عُمانية أنتجتها وزارة البلديات الإقليمية والبيئية والموارد المائية.

كان هذا المهرجان أول خطوة فاعلة لتنشيط حركة سينمائية جادة تخدم البيئة وتعالج قضاياها وتحافظ عليها وتعمل على تجميلها، حيث تمثل السينما أحد أهم روافد الثقافة والإعلام البيئي، بالإضافة إلى تشجيع المنتجين السينمائيين للاهتمام بقضايا البيئة في موضوعات أفلامهم.

بصرة/لاهاي في 15/6/2007

الصفحات