أنت هنا

قراءة كتاب التناذر الاسلاموي وتحولات الرأسمالية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التناذر الاسلاموي وتحولات الرأسمالية

التناذر الاسلاموي وتحولات الرأسمالية

كتاب "التناذر الاسلاموي وتحولات الرأسمالية"، للكاتب أحمد هني، ترجمة ميشال كرم، الاسلاموية السياسية، الناطقة الجديدة بلسان "المحرومين"، لا تهاجم الملكية والقدرة السياسية التي تنبثق منها، بل تهاجم السيادة والحكم ا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

طبعاً إن مسألة مكانة الجنس والعلاقات بين الرجال والنساء هي الأكثر تناولاً في وسائل الإعلام في الغرب. وإذا ما تعمق حقوقيون ضليعون في بحث الفصل بين أموال الزوجين، أو الأنماط الوراثية، أو الموجبات المتبادلة بين الزوجين، فإن وسائل الإعلام لا تحتفظ عموماً سوى بلباس النساء وما يسوس حياتهن العامة. هنا أيضاً ترتبط الإيديولوجيا الإسلاموية بمجتمع الاستهلاك. عرض الأميركي ت. فيبلن في كتابه «نظرية طبقة الفراغ» (14) فكرة أن ذروة التباهي بالثراء هي إظهار أن الزوجة لا تعمل. من هنا كان تسلط الرجال على النساء وصيرورتهن حاجة جنسية ومجددات للنسل لا غير.
إذا كان في وسع البلدان النفطية الإسلامية أن تقصي نصف سكانها الأنثوي عن ميدان العمل، فالمسلمون كلهم لا يستطيعون ذلك. والحال هي أن الإيديولوجيا الإسلاموية التي ولدت في هذه البلدان تبث، حول النساء والتناسل، أفكاراً هي في نظرها صالحة أينما كان. كما أنها، بفعل إقصاء النساء وغياب منع الحمل، تزيد من تفاقم مشاكل التوازن بين عدد السكان والموارد في البلدان الإسلامية غير النفطية. باختصار، إن الإيديولوجيا الإسلاموية هي ترف لبلدان مستهلكة.
الإجهاض ومنع الحمل هما طبعاً محرمان، لأسباب تتعلق بمكانة المرأة كما بالتعاطي القمعي مع العمل الجنسي وكذلك بالحلم الألفوي بالدولة الإمبراطورية. فإذا كثر عدد المسلمين سيستعيدون الإمبراطورية. على أن المعطيات الموضوعية تبين أن معظم البلدان الإسلامية هي صاحبة أدنى دخل بمعدل الفرد في الكرة الأرضية. إن الإسلامويين السياسيين لا يدعون إلى إنتاج ثروات بل أولاد. والرزق على اللَّه.
وفي المسائل الاقتصادية، لا يستعان بالفقه الشرعوي لأجل معرفة ما إذا كانت الوتائر المفروضة في المصانع أو إذا كان العمل بالأسبستوس أو في عمق المناجم متفقاً مع «النصوص» أم لا. فالنشاط التجاري والمالي هو الذي يهتم به الاجتهاد (مسألة الفائدة). والإسلامويون المعروفون لم ينشئوا مصانع، بل مصارف وشركات استيراد وتصدير، وأصبحوا بالفعل منافسين في هذا المضمار، كما أنهم لا ينشغلون إيديولوجياً إلا بمسائل التداول. وهذه كلها مسائل (تشريعات الفائدة، الرسوم الجمركية) تدخل في نطاق السيادة السياسية للدول. كل ما له صلة بكيفية انتظام أرباب العمل والمستخدمين لا يحظى باهتمام الإيديولوجيا الإسلاموية. فالأولوية في نظرها تعود كما يبدو إلى السيادة على المدينة وتنظيمها الأهلي.
ربما كانت هذه المسائل مسائل مركزية في الإمبراطورية الإسلامية القديمة. وإذا كان شمال المتوسط قد تحول، في زمن الإمبراطورية الرومانية المتأخرة، إلى مركز للإنتاج، حيث باتت مسائل التضاد بين المالكين والشغيلة مسائل رئيسية، فإن الجنوب، الذي بات إمبراطورية إسلامية، قد انشغل أكثر، بوصفه مركزاً ريعياً استهلاكياً، بالمسائل القانونية لتنظيم المدينة. وكانت المعرفة المتعلقة بانتقال الأشخاص والبضائع والعملة تنتج فقهاً غزيراً، بينما بقيت التفكرات، التي تزامنت معها في أوروبا الإقطاعية، غريبة عن الغنم التجاري. في التجارة «شيء من الدناءة» كما كتب القديس توما!
إن الإمبراطورية المبنية على السيادة النقدية أقل سعياً إلى تعميق طرائق الإنتاج الطبيعانية منها إلى تفويض تطبيقها. وغرضها هو تنظيم الغنم بواسطة القوننة الحقوقية أكثر منه بواسطة هندسة طبيعانية، موكولة إلى منفذين تعاقديين.

الصفحات