كتاب " حمى الاستهلاك " ، تأليف سحر سهيل المهايني العظم ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر عام 2013 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب حمى الاستهلاك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
حمى الاستهلاك
حمى الاستهلاك
كتابٌ ـ بشقيه «الترجمة» و «التأليف» ـ أقرب ما يكون إلى سلسلة من الحلقات التلفزيونية تبث على الملأ حوارات ساخنة، لعبتُ فيها تارة دور «المضيف» المترجم الناقل لحديث ضيفه، وتارة دور «المعلق» الذي يقوم بالتحليل والتعليق على الحدث.
كنت من ضيفي مؤلف كتاب «الأفلونزا» في موقع يسمح لي بالإصغاء لشهادته فقط، إلا أن حواراً متخيلاً جرى بيني وبينه أتاح لي فرصة الإدلاء بشهادتي والتواصل معه بهدوء وانسجام رغم البعد البيئي والجغرافي والثقافي والديني الذي يفصلني عنه. إذ ثمة قاسم مشترك شكّل أرضية التفاهم والتناغم في الحوار؛ وهو أن كلينا يمسك بعملة واحدة، صحيحة بكلا الوجهين.
هو يمسك بآيات الله المنظورة من عالم الشهادة: «الآفاق والأنفس»، وأنا أمسك بآيات الله المقروءة من عالم الغيب: «القرآن الكريم».
إن حالة التواصل الفكري والوجداني التي عشتها مع ضيفي خلال ترجمة ونقل حديثه، جعلت أسلوبي في الترجمة لا يختلف كثيراً عنه في التأليف، ولا أدري إذا ما كان ذاك التناغم يعود إلى مواءمة في الطبع أم إلى التوافق في الرؤية ومنهجية العرض.
منهجية العرض تلك لا تبرز لك أبعاد المشكلة فحسب وتتركك تائهاً يائساً من دون حل، بل تعرض أمامك حلولاً واقعية منطقية ليست خارجة عن نطاق القدرة والتنفيذ.
كذلك منهجيةُ العرض تلك تعتمد اللغة السهلة البسيطة التي تخترقك بسهولة ويسر وتقِفُ بك مع ذاتك بصدق، وإن كنت لا أتقن ـ كضيفي ـ برمجة العواطف وضبط الانفعالات، وأترك قلمي - عادةً - على سجيته معرباً عن مخزون مشاعري، وأنا أدعو كل من يتقن الإنكليزية إلى قراءة كتاب «الأفلونزا» بلغته الأم، لا ليتحقق من أمانتي في ترجمة أهم ما ورد في الكتاب فحسب، بل ليتمتع بلغة ومنطق أصحابه.
إن أهم ما يميز جليسي روح الدعابة والظرف والهدوء والانسيابية في التعبير وجرأة النقد الذاتي وإشاعة الحقيقة دونما صراخٍ أو سخط، يتمتع بشمولية الرؤية والنظرة الموضوعية والعلمية في بسط الحقائق الموثقة بالأدلة والبراهين.
إلا أن ما كان يثير حنقي ويطبع علامات الاستنكار والدهشة على وجهي، أن ضيفي كان ـ جاهلاً أم عامداً ـ يلتزم الصمت في موقع يستوجب النطق.
حمى الاستهلاك...
كتابٌ يعتمد الترجمة والتأليف معاً، أداةً جديدةً لعرض الأفكار والتواصل مع الناس.
أمّا مضمونه فيعرضُ للمتغيراتِ الثقافية في العالم؛ وأزمةِ الاغتراب الثقافيّ في عالمنا العربي والإسلامي؛ المرافقِ للطفرةِ الاقتصاديّةِ في أمريكة واستراتيجيّتها الاقتصادية التي اعتمدت ـ لتحقيق الهيمنة الأمريكية على العالم ـ تصديرَ أنموذجٍ ثقافيّ كونيّ؛ وتعميمَ قيمِ السوقِ عبر تكنولوجيا الاتصال ووسائل الإعلامِ الحديثة.
كما يعرضُ الكتاب للدين، رؤيةً ناظمةً للحياة ومنحىً للخروجِ من أزمةِ الاختراق الثقافي والارتكاس القيمي والفكري الذي نعيشه في عصر العولمة؛ عولمةِ نموذج المعيشة الأمريكية القائِم على فرطِ الاستهلاك.
والكتاب موجه للقاعدة العريضة من الناس ـ المرأة وجيل الشباب خاصة ـ وهُمُ الأكثر انبهاراً بالثقافة المادية الوافدة، والأكثر استعداداً وقابلية وفاعلية ـ بالمقابل ـ على تبنِّي الإصلاح والتغيير.
والكتاب يهدف إلى إعادة حيوية التفاعل مع القرآن الكريم وهدي سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم من خلال عملية الربط بين آيات الله المقروءة في كتاب الله الكريم وآياته المنظورة في عالم الآفاق والأنفس؛ والتي قطع الغرب في اكتشافها وتسخيرها أشواطاً واسعة.
أخي القارئ... لا تقطب جبينك... لا بد أن تساؤلات عدة قد قفزت على السطح:
- هل الغرب الأمريكي الذي يقف وراء مصائبنا، هو من سيعلمنا كيفية التفاعل مع آيات ربنا؟!
- لماذا اللف والدوران، ألا يكفينا القرآن الكريم» هادياً ودليلاً؟!
- وكيف لتلك الكاتبة المترجمة التي ظهرت فجأة أن تعيش حالة من التوافق الفكري والوجداني مع أعداء الدين؟!...
ثم ما علاقة «الاستهلاك» بالدين؟! بل ما علاقة «الاستهلاك» بكل مصائبنا؟
اهدأ قليلاً... وتابع معي قراءة فصول الكتاب وستجد الإجابة عن كل تساؤلاتك.
قريباً ستجد نفسك أمام كتاب يعرض أمامك «صورة» شاملة عن واقع الحياة التي تعيشها البشرية في عصر العولمة، إطارُها مذهّب مزخرف، ألوانها زاهية، بريقها يخطَف الأبصار، الأشخاص فيها يضجُّونَ حركة وحيوية، تعلو وجوههم ابتسامة السعادة. وما إن تبدأ تمعن النظر حتى تجدَ أن الابتسامة تلك، ما هي إلا تكشيرة، وأن ما كنت تراه يضج بالحركة والحيوية ما هو إلا ضجيج التوتر والقلقِ والاضطرابِ، وما تلك الألوان الزاهية إلا ظلالٌ سوداء قاتمة.
هل أثرت فضولك؟
يكفي أن أقول الآن إن وباء «الاستهلاك المفرط» وباء فكري، ثقافة شيطانية، انتشرت كالأخطبوط، حتى طالت كل فرد في مجتمعاتنا العربية والإسلامية أيّاً كان جنسه وعمره ومستواه الثقافي الاجتماعي والمادي، وأدت على صعيد الفرد والجماعات إلى ارتكاس صحي وأخلاقي وفكري ونفسي ما كنتَ تتخيله، وسيدفعك الفضول لمعرفة الأسباب ومن ثم اختيار «الدواء الأمثل» للقضاء على هذا الوباء.
أما إذا ما شعرت أنني لم أستوف في مقدمتي الشرح، فما عليك إلا أن تترقب معي حديث ضيفي مؤلف «الأفلونزا»، الذي سيوافيك بمزيد من التفاصيل.