كتاب " حمى الاستهلاك " ، تأليف سحر سهيل المهايني العظم ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر عام 2013 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب حمى الاستهلاك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
حمى الاستهلاك
نحن... وعالم الإعلان وشبكة الاتصالات
ترى هل سيصل هوس التسوق إلى الحد الذي نبقى فيه حبيسي غرفنا نبيع ونشتري عبر مواقع «الإنترنيت».
شبابنا ـ بلا شك ـ مسمَّر اليوم أمام شاشات الكومبيوتر، ليس بغرض إثراء المعلومات، ولا حتى لعقد صفقات بيع أو شراء، بل في ما لا حصر له من الاستخدامات العبثية، إلا من رحم ربي.
إن باستطاعتي أن أفهم السبب الذي جعل محمد أسد - ليوبولد فايس - يزداد رسوخاً في الإيمان بالرسالة الخاتمة لحظة وقعت عيناه على قوله تعالى: {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (*) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ} [التكاثر: 102/1-2] .
لقد أجملت له تلك الآيتان الكريمتان بإعجاز مبهر، حال إنسان العصر، بل إنَّ فيهما تلخيصاً عاماً وشاملاً لكل مراد «المؤلف» من كتاب «الأفلونزا» كما سيكتشف القارئ بنفسه، وقد آن الأوان لنضع تعريفاً لـ «الأفلونزا»، وباء الاستهلاك المفرط، بالمصطلح الإسلامي؛ إنه وباء التهافت والتكاثر والاغترار بمتاع الدنيا.
وما أفدح خسارة من يلهيه الجمع والتكديس عن غاياته، ويبقى مستغرقاً لاهثاً وراء أشيائه إلى.... أن يضمه القبر.
هنالك «إعلان» كانت تبثه إحدى الفضائيات العربية ـ لم يعد مشاهَداً ـ عن شاب استغرق في المكوث أمام شاشة «الكومبيوتر» حتى نسيَ صلاته والقيام بواجباته فأصيب فجأة بنوبة قلبية أوصلته القبر.
الإعلان وإن بدا قاسياً إلا أنه يكشف حقيقةً عن واقع مر.
ولكن إعلاناً كهذا لا يطول بثه في عصر الاستهلاك، ولا بد من توجيه الأنظار إلى مشاهد أكثر إثارة وإشعالاً للرغبات الاستهلاكية، فكانت المرأة مفتاح الترويج ومادة العرض. فهي أقدر على أن تحرك بتحركات جسدها وحبالها الصوتية رغبة وشهية الزبون ليمضي قدماً إلى تجربة «بضاعتها».
إنه عالم جديد لسوق نخاسة جديد. قديماً كانت «الإماء» يُعرضن في سوق النخاسة كاشفات الجذع والبطن ليتمكن الشاري من معاينة صلابة عود «الأمة» الأكثر تحملاً لمشاق الخدمة.
وفي الأسواق اليوم «الحرائر» وهن كاشفات البطن، وحدِّث ولا حرج عن حال مروِّجات العصر.
ترى هل أصبح عالم الدعاية والإعلان يروج للبضائع الاستهلاكية فحسب؟ أم بات يعلن عن مقدم عصر رقٍ أكثر بريقاً...؟!
وقبل أن أتلقى الجواب، سأترك لضيفي الساحة ليكمل كلامه...