أنت هنا

قراءة كتاب حمى الاستهلاك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حمى الاستهلاك

حمى الاستهلاك

كتاب " حمى الاستهلاك " ، تأليف سحر سهيل المهايني العظم ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر  عام 2013 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر:
الصفحة رقم: 6

الأفلونزا -العارض المرضي الأول : حمى التسوق

«حبيبي.. اسمع.. عليك أن تحمل في جيبك كل ما معك من نقود؛ بل عليك أن تتفهم موقفي من الآن، فإذا ما أردتني أن أكون صديقتك الحميمة، فعليك أن تدرك من الآن أنني من النوع الذي يعشق التسوق، حبيبي هيا... هنالك كثير مما يستدعي الشراء، اسحب مدخراتك... ولنذهب فوراً».

آلن أتكيسون Alan Atkison

مطرب شعبي

وما إن استهل ضيفي جلستنا الثانية بالفقرة المقتبسة تلك، حتى نقلني إلى المشهد التالي:

«اليوم عيد الميلاد، والطفل «جيسون جونز - في الثامنة من العمر، يحشو فمه بالطعام، يهرول إلى غرفته ليملأ قائمة بأصناف الهدايا واللعب التي يحلم أن يقدمها له» «سانتاكلوز»[7]. في عيد الميلاد، وعلى الرغم من قناعة «جيسون» أنه ما من وجود حقيقي لـ «سانتاكلوز» إلا أنه كان يدرك تماماً أن والديه سيسارعان حتماً لشراء الهدايا والألعاب المدونة في قائمته كافة...

وما إن وصل والدا جيسون إلى قسم الألعاب في إحدى المجمعات التسويقية، بعد المعاناة من أجل إيجاد موقف لسيارتهم في المرآب الذي غص بمئات السيارات، حتى فوجئا بكثرة من يقف أمامهم في خط الانتظار الطويل أمام المخزن.

وازداد توترهما حدة؛ فالخوف إذا ما أخفقا في شراء آخر ما استجد من لعب هذا الموسم... وبعد طول انتظار وجهد، تمكنا من تأمين متطلبات «جيسون» كافة.

ولم ينسيا طبعاً، في طريق العودة أن يحضرا أشرطة الفيديو وأقراص الألعاب المدمجة، كي لا ينتاب «جيسون» الإحساس بالملل مساءً!.

لقد أشار إحصاء أجري عام 1999 أن (200) مليار دولار تنفق على هدايا أعياد الميلاد و(800) مليار أخرى على تسوق الأحذية والساعات، بينما تصل كلفة الدراسة الجامعية إلى (65) مليار دولار فقط!

ويمضي الأمريكي أسبوعياً ما يقارب من ست ساعات في التسوق مقابل 40 دقيقة يقضيها مع أولاده! بل إن 70% من السكان في أمريكة شغلهم التسوق عن ارتياد أماكن العبادة.

صحيح أن ما ننفقه اليوم على البضائع الاستهلاكية يسهم في ثلثي قوة الاقتصاد الأمريكي، ولكنه ينبي في ذات الوقت عن ضعف مناعتنا وقلة مقاومتنا لوباء «الأفلونزا»: «الاستهلاك المفرط».

وإذا ما أردنا معرفة أين يرتفع فيروس «الأفلونزا» فما علينا إلا أن نقوم بزيارة لأحد المجمعات التسويقية الضخمة، حيث تجد كل ما يمكن أن يغريك ويدفعك إلى التسوق؛ العشرات من مخازن البيع الضخمة لشركات عدة تعرض أمامك ما لا حصر له من البضائع.

ألوان من التسلية والترفيه تنقلها لك أجواؤها البراقة، سلسلة من المطاعم تقدم لك كل ما يمكن تخيله من أصناف الطعام: الأمريكي والمكسيكي والصيني والهندي والعربي والياباني وغيرها، عدا المقاهي والاستراحات.

لقد بات كثير منا ينظر إلى تلك المجمعات التسويقية على أنها المكان الأمثل لالتقاء أفراد الأسرة، وفي الواقع فإن كل فرد فيها يذهب بمعزل عن الآخر إلى المكان الذي يستهويه، بل إن الغالبية منا ترتاد المجمعات التسويقية تلك، وليس في ذهن أحدنا شيء محدد يود شراءه، ولكن استعراض الكم الهائل من الأشياء سيغريه حتماً بالشراء...

لقد بات الافتتاح الكبير لأحد المجمعات التسويقية والذي بلغت مساحته 42 مليون قدم مربع [أي ما يعادل مساحة 78 ملعب كرة قدم] وما رافقه من ألعاب نارية ـ بعد أن ولى عهد قص الشريط ـ يشكل حدثاً هاماً كبيراً يجذب إليه ملايين من الزوار والسياح.

أما إذا ما أردت معرفة «الناقل» لفيروس الأفلونزا فانظر إلى:

1ـ شبكة الاتصالات [الإنترنيت]: حيث يقضي 20% من سكان أمريكة أوقاتهم (خمس ساعات وسطياً في الأسبوع) أمام الكومبيوتر يبيعون ويشترون عبر آلاف من المواقع كل ما يمكن وما لا يمكن تخيله.

حتى إن شاباً في تكساس في السادسة والعشرين من العمر، أقسم أمام أبويه «المتخلفين تقنياً» على أن يبقى حبيس جدران بيته ـ عاماً كاملاً ـ مكتفياً لسد احتياجاته ورغباته بما يبيعه ويشتريه عبر مواقع الإنترنيت.

2ـ الدعاية والإعلان: إن أكثر ما أسهم في نشر فيروس «الأفلونزا» هو عالم الترويج المضلل.

فلننظر مثلاً إلى واحد من الإعلانات الترويجية التجارية حيث تظهر على شاشة التلفاز الممثلة الجميلة «بيكت رويس» وهي مستلقية على أريكة في أحد المجمعات التسويقية لتقول بنبرتها المثيرة: التسوق علاج... أصغِ إلى ذاك الهمس الناعم الذي يدور في رأسك ويناديك: تسوق.. تسوق... تسوق.

إن الترويج المضلل لمقولة: «كلما زاد شراؤك زاد توفيرك» ما زال مقنعاً ومؤثراً رغم استحالة تلك المعادلة حسابياً!.

الصفحات