أنت هنا

قراءة كتاب التشرد وانحراف السلوك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التشرد وانحراف السلوك

التشرد وانحراف السلوك

كتاب " التشرد وانحراف السلوك" ، تأليف لمياء ياسين الركابي ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7

شرطة الإحداث :

تعد الشرطة أول عمل اختباري لمدى الصدق في العدالة التي يتضمنها أي تطوير قانوني خاصة في مجال الإحداث ، فالعلاقة بين الشرطة والإحداث ليست علاقة قانونية فحسب بل علاقة اجتماعية في المقام الأول , اذ ان النظرة الحديثة لدور الشرطة في مجال الإحداث الجانحين تتطلب تعميم تجربة شرطة الإحداث من ناحية ، ومن ناحية اخرى ضرورة خروج الشرطة من واجبها التقليدي في القبض على مرتكبي الجرائم الى نطاق أوسع ، فالشرطة اليوم وبالذات شرطة الإحداث تمارس دوراً اجتماعياً وقائياً يبدأ بحماية الإحداث المعرضين للجنوح والانحراف وتوفير المناخ الاجتماعي الوقائي الذي يحميهم من التعرض الى الأخطار الناجمة عن وجودهم في أماكن مشبوهة أو اماكن بعيدة عن محل إقامتهم ، او ناجمة عن مخالطتهم لرفاق السوء او عن تكرار هروبهم من المدرسة وضعف الرقابة الأسرية عليهم او عن قيامهم ببعض الأعمال التي تؤدي بهم الى سلوك طريق الجنوح. وهذا يتم عن طريق اختيار عناصر لشرطة الإحداث ممن تتوافر فيهم الصفات المؤهلة للتعامل الإيجابي البناء مع الإحداث ، والحاصلين على تثقيف وتدريب خاص يؤهلهم لعملهم وذلك استجابة لمقتضيات الدفاع الاجتماعي ومستلزمات المكافحة الحديثة ، كما ان دورهم لا يقتصر فقط على الوقاية والاكتشاف المبكر للجنوح بل يستمر من خلال الرعاية العلاجية للإحداث في تعاملها معه في إثناء التحقيق وجمع البيانات الأولية عن حالته وظروفه وحجزه مؤقتاً في الحالات التي تستدعي ذلك لحين عرض قضيته على قاضي الإحداث المختص ، كما تسهم الشرطة في الرعاية اللاحقة بعد انتهاء مدة ايداع الحدث في المؤسسة الإصلاحية والتعاون مع الأجهزة والهيئات الأخرى المختصة في القيام بهذه الرعاية .

ان أسلوب تعامل شرطة الإحداث مع الجانحين ينبغي ان يتم بالعناية والرعاية فالحدث الذي يلقى معاملة تتسم بالقسوة واللامبالاة وعدم فهم أبعاد ومدخلات سلوك الجانح في مرحلة القبض عليه والتحقيق الأول الذي يتولاه عادةً جهاز الشرطة ، سيؤدي بلاشك الى ردود فعل شديدة على نفسيته قد تنسحب سلباً على مستوى تقبله واستجابته للبرامج الإصلاحية والتأهيلية وتجعله في حالة من الذعر والخوف وفقدان الثقة جراء أسلوب التعامل الخشن وغير المهني الذي يعتمده رجل الشرطة غير المدرك لابعاد وجوانب عملية التقويم والعلاج .

لذلك بدء التفكير في استحداث جهاز شرطة خاص بالإحداث ، وقد طالب بذلك المؤتمر العام للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية ( الانتربول ) الذي انعقد في برلين سنة 1926 م ثم جرى بعد ذلك اتخاذ خطوات عديدة ففي عام 1956 م قدمت السكرتارية العامة (للانتربول) برنامجاً نموذجياً لتدريب ضباط شرطة الإحداث وتمت المصادقة على هذا البرنامج وقد حددت المبادئ الرئيسة الثلاثة لتدريب الضباط في معاملة الإحداث ، مثل ان يكونوا متطوعين لهذا النوع من العمل ، ويجب ان يتم اختيارهم بدقة ، ويجب ان يدربوا تدريباً خاصاً لهذا النوع من العمل .

اما في العراق تم تشكيل أول مركز لشرطة الإحداث في عام 1975م ثم تم رفع مستوى المركز المذكور الى مستوى معاونيه سميت بمعاونيه شرطة الإحداث وألحقت بها دار الملاحظة والتي كانت مرتبطة بمديرية مكافحة الإجرام وفي عام 1981م تم تطوير معاونيه شرطة الإحداث الى مديرية وأنيطت بها بموجب منشور وزارة الداخلية المهام التالية ، ضبط الجرائم واقامة الأدلة على مرتكبيها ، منع الإحداث من ارتياد الملاهي ومحلات شرب الخمور ولعب القمار ودخول دور السينما التي تعرض فيها افلاماً يمنع الحدث من مشاهدتها ، ضبط الجرائم التي يتعرض فيها الإحداث الى الأخطار الجسيمة او الأخلاقية ، الاتجاه الى المحاكم المختصة لسلب الولاية من الأباء والأولياء غير الصالحين الذين يشكلون خطورة أخلاقية او تربوية او جسمية على الاحداث ، ورعاية الإحداث الضالين والبحث عن ذويهم وتسليمهم اليهم ، والقبض على المتسولين والمتشردين واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم ، وإدارة موقف الإحداث ( دار الملاحظة ) وتأمين إيصال الموقوفين الى الجهات التحقيقية والمحاكم المختصة ، وتطبيق القوانين التي تمنع تشغيل الإحداث دون السن القانوني.

اذ جاء في المادة ( 23) من قانون رعاية الإحداث العراقي رقم 76 لسنة 1983 م الفقرة اولاً , ان تتولى شرطة الإحداث البحث عن الصغار الضالين والهاربين من آسرهم والمهملين ، والكشف عن الإحداث المعرضين للجنوح في أماكن جذب الإحداث كالمقاهي والمشارب والمراقص ودور السينما في ساعات متأخرة من الليل ،وفي الفقرة ثانياً من المادة نفسها جاء ان على شرطة الإحداث إيصال الحدث او الصغير عند العثور عليه في الأماكن التي تعرضه للجنوح الى ذويه .

ومن هذا نجد ان شرطة الإحداث تضطلع بدور كبير في العملية الوقائية والعلاجية للأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح إذا ما تم تأسيس ذلك الجهاز على أساس علمي مدروس وتضمن أشخاص أكفاء ومدربين تدريباً خاصاً ولديهم الرغبة في العمل في مجال الأحداث ، ليكون هذا الجهاز عاملاً مساعداً في القضاء على الجنوح لا ان يكون أداة للقهر والمعاملة القاسية وكبت الحريات او ممارسة الضغط والعنف تجاه الأفراد فالشرطة اساساً وجدت لحماية المجتمع والأفراد لا لحماية قانون وجد للسيطرة على المجتمع أو لكبته أو قهره

الصفحات