كتاب " المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها " ، تأليف هادي محمد عبدالله ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها
ج) نظرة تأريخية في علم الفرائض:
إن البحث في نظم التوريث لدى بعض الأمم القديمة والمعاصرة يبين لنا جليا فضل التشريع الاسلامي عليها جميعاً، ويكشف الحاجة إلى ضرورة مجيء الوحي السماوي بنظام جديد للميراث مع وجود تلك النظم غير الإسلامية ولهذا رأيت من الضرورة بمكان أن يكون ذلك كله بإيجاز ليكون مدخلاًَ لعلم الفرائض.
1-الميراث عند الأمم القديمة الأولى:
كانت الراضي المصرية ملكاً للفراعنة بما لهم من الرياسة الدينية على الأهالي والخلافة المقدسة الآيلة لهم عن الإله (آمون) ممثل الشمس والمعبود الأعظم، ويعتبر المصريون مستأجرين لها ومنتفعين بها، وإذا توفي أحد المصريين حل محله أرشده أولاده في زراعة الأرض والانتفاع بها([31]).
واحل الكلدانيون والسريان والسوريون والفينيقون والطورانيون والعرب في الجاهلية الابن البكر محل أبيه في الميراث فإذا لم يوجد قام مقامه أرشد الذكور، ثم الأخوة، ثم الأعمام وهكذا إلى أن يدخل الاصهار وسائر العشيرة.
وكان التوربث في هذه الشرائع بلا تقدير والاعطاء جزافاً من غير تحديد وهم على قليل من التباين في ذلك. فمنهم من حرم الإناث مطلقاً كالكلدان والسريان والاشوريين والفنيقيين والسوريين والطورانيين وأكثر العرب في الجاهلية.
ولقد كانت المرأة قبل ظهور الاسلام محرومة من الميراث بل لم تكن لها بين الناس كرامة وحرمة.
ففي الهند ولا سيما في شريعة (مانو) لم يكن لها حقاً مستقلاً عن حق أبيها أو زوجها أو ولدها في حالة وفاة أحدهم بل يقضى عليها بأن تموت يوم موت زوجها وأن تحرق معه على موقدٍ واحد، ودام هذا العرف إلى القرن السابع عشر([32]).
وفي شريعة حمورأبي كانت من عداد الماشية المملوكة وكان تفرض على من قتل بنتاً لرجل آخر أن يسلمه بنته ليقتلها أو يملكها إذا شاء أن يعفو عنها.
كذلك الأمر كان في الشرائع العراقية التي سبقت شريعة حمورأبي مثل شريعة لبت عشتار وشريعة إيشنونا والشرائع التي تلتها كقانون العهد الاشورى الوسيط([33]).
ومع هذه القساوة بحق المرأة في الشرائع العراقية القديمة إلا أنها مع ذلك كانت أرحم بالمرأة وأرأف بها من الشرائع المعاصرة لها واللاحقة، إذ لو تصفحنا قانون (أبيمدار) ([34])في مادته الثانية والتي نصت على أنه (إذا توفي رجل ولم يخلف أولاداً فابنته العزباء سوف تحصل على ميراثه) أي أن هذا القانون ورّث بنت المتوفى العزباء عند عدم وجود الولد.
وأيضاً ورد في قانون آخر عُثِرَ عليه في مدينة سوسه، والذي اعطى الاخوات حق أخذ ميراث أبيهن وأخواتهن([35]).
وكان التوارث في القوانين اليونانية القديمة عبارة عن وصية تصدر عن رب العائلة بحضرة الجمعية الملية التي تحكم بالتصديق على الوصية بعد مرافعة وتنازع بين الموصي ومن يعترض عليه من الأهل والأقارب، وهذا الحكم كان قابلاً للطعن فيه لمن يريد إقامة الدليل على فساد الوصية لمصلحة الأسرة أو الوطن، وبموت الموصي تنتقل جميع أمواله إلى الموصى له فيصير رئيساً للعائلة. وكانت المرأة مسلوبة الحرية والمكانة في كل ما يرجع إلى حقوقها الشرعية([36]).
وفي شريعة اليهود كان الذكر هو الوارث الوحيد للمتوفى، وتحرم البنت من حقها في الميراث ما لم ينقطع نسل الذكور. وعند عدم وجود ذكر للميت يؤول أرثه إليها بشرطين:
أولهما: أن لا تتزج من سبط آخر.