كتاب " المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها " ، تأليف هادي محمد عبدالله ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المسائل الخلافية في علم الفرائض وأسبابها
(ب) استعمال لفظ (مدرسة فقهية) بدلاً من (مذهب):
قد يعجب المرء من عزمنا بالكتابة في المسائل الخلافية في وقت نحن فيه أحوج ما نكون إلى الإتفاق ونبذ الخلاف، ولكن سرعان ما يزول عجبه عندما يرى دراستنا في المسائل الخلافية ليست لإيجاد أسباب فرقة بيننا وإنما القصد منها هو:
1- الغوص في محيط الفقه الإسلامي لإستخراج بعض كنوزه على قدر الطاقة وسعة العلم، وما قد عجز عنه العقل الغربي من تتبع أسبابه، ولكي يظهر تفوق التفكير الإسلامي عليه بإيجأبيته البالغة.
2- وليس قصدنا التعصب لرأي ما أو لسبب، ما لم تؤيده الأدلة والبراهين والحجج.
ونعتقد جازمين بأن التعصب المذهبي من العوامل الرئيسية التي أدت إلى تآخر المسلمين، في حين أن أئمة المدارس الفقهية أنفسهم لم يتعصبوا تعصب الإتباع لمذاهبهم، ويظهر ذلك جليا من مؤلفاتهم ومن آرائهم، ولن يكون نقد ما نقوله اليوم إلا أشد وأقسى، ولن يكون المأخذ إلا أمر وأنكى إذا اصررنا على هذا السبيل.
ولو كان التعصب متعلقاً برأي الفقيه الإجتهادي لهان الأمر ولكنه يحمل حملاً على نص من كتاب الله لأنه افتى برأى فيه وما كان له ولا لغيره أن يحملوا القرآن خطأ من أخطائهم أو آرائهم التي أنطقت القرآن بما لم ينطق.
ولكي لا يطول إلاستعراض ويمتد التجوال ولكي لا نضع أنفسنا موضع شبهة التعصب نفضل استعمال مصطلح المدارس الفقهية (School of Legal Thought) بدلاً من مصطلح المذاهب الإسلامية أو المذاهب الفقهية. لأن المدارس الفقهية في الإسلام ينظر إليها كوحدة وليست كالمفهوم الأوروبي لمصطلح المذهب (A Sect) والذي أخذت به الديانة المسيحية بحيث يرقى كل مذهب لدى المسيحيين أن يصبح ديناً ومعتقداً مستقلاً.
3- المسائل الفقهية الخلافية محمودة:
الإختلاف في الاحكام الشرعية والمسائل الفقهية منها ما هو مذموم، كاختلاف اهل البدع والاهواء مصداقا لقوله تعالى الذي ذم التفرق )وَمَا تَفَرَّقَ الَذينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَيِّنَةُ(([27]).
وقال تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ(([28]).
وايضا قوله تبارك في علاه )وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ(([29]).
ومنه ما هو محمود كاختلاف فقهاءالصحابة والتابعين والائعة المجتهدين (رضوان الله عليهم) لكونه مبنيا على استنباط الاحكام الشرعية من نصوص كتاب الله وسنة المصطفى r اومستنداً الى المصادر التي تدور في فلكهما .
وأسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام راجع أما إلى اختلافهم في القواعد الاصولية واللغوية او الى الاختلاف في العلم بالحديث ، او الثقة به ، او العمل به تحت شروط معينة ، او للتعارض بين الاحاديث ودفعه ، وربما سببه الخلاف في الاجتهاد بالرأى فيما لا نص فيه عن طريق العمل بمصدر من المصادر التبعية ، ويندرج اختلاف الفقهاء في مسائل علم الفرائض تحت هذه الأسباب وتدل على نضج الفكر الاسلامي وكونه مؤشر صحة([30]).
وعلى الرغم من ان الدراسة تختص بالمسائل الخلاقية في علم الفرائض إلاّ أننا نعرج على المسائل الإتفاقية في هذا العلم لسببين:
أولهما: إذا لم نعرف المسائل التي هي موضع إتفاق الفقهاء لا يمكننا معرفة مسائل الخلاف بينهم.
وثانيهما: إعطاء صورة واضحة من الأحكام المتعلقة بالفرائض لخطورتها، ولتكون الدراسة فيها شاملة كاملة دون إطناب مُمِل أو اقتضاب مُخِل على أن تكون المسائل الخلافية موضع البروز فيها دون إفراط أو تفريط .
وعلى ضوء ما تقدم نهجنا ذلك المنهاج المستقيم، وهو الأخذ، من هذه المدارس والإشارة إلى ما نراه قوى السند، واضح المعتمد من آرائهم. وبهذا المنهج نقوم بحق العلم علينا لأن الدارس للتراث الإسلامي عليه أن يقصد إليه من كل نواحيه، وعن شتى مدارسه، لا يحول بينه وبين طلب الحق عصبية ولا مذهبية ولا تمييز طائفة على أخرى.
فالفقه لكل العلماء والباحثين وأنه الزرع الذي أخرج شطأه في ضوء ظليل من كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وليس هو ملكاً لفريق دون وإنما هو العلم لكل العلماء وتراث الفكر للمفكرين.